نَحْنُ أَهْلُ الْحَرَمِ وَلَا نَخْرُجُ مِنْهُ ، فَفَسَدَ لِذَلِكَ أَيْضاً حَجُّهُمْ وَبَطَلَ ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ بَعْدُ : (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ) (١) يَعْنِي إِبْرَاهِيمَ ، وَإِسْمَاعِيلَ ، ثُمَّ اسْتَدَارَتِ السِّنُونَ وَأَطْلَعَ اللهُ نَبِيَّهُ (صلىاللهعليهوسلم) عَلَى ذَلِكَ لَمَّا جَعَلَ مَكَّةَ فِي يَدَيْهِ ، فَبَعَثَ أَبَا بَكْرٍ وَمَعَهُ سُورَةُ الْبَرَاءَةِ ، وَأَمَرَهُ بِإِقَامَةِ الْحَجِّ لِلْمُشْرِكِينَ ، لِيَثْبُتَ الْيَدُ ، وَكَانَ (صلىاللهعليهوسلم) عَالِماً بِأَنَّ الزَّمَانَ ، قَدِ اسْتَدَارَ ، فَلَمْ يُطْلِعْهُمْ عَلَى ذَلِكَ ، وَلَا أَعْلَمَ أَبَا بَكْرٍ ، وَتَرَكَهُمْ وَإِيَّاهُ جَهْلاً ، لَا يَدْرُونَ أَفِي وَقْتِ الْحَجِّ هُمْ؟ أَمْ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ ، وَلَا أَمَرَهُ أَنْ يَمْضِيَ إِلَى عَرَفَاتٍ ، فَمَضَى أَبُو بَكْرٍ ، فَقَامَ مَعَهُمْ بِالْمُزْدَلِفَةِ ، عَلَى سُنَّةِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ بِبَاطِلِ الْحَجِّ ، فَخُتِمَتْ حِجَجُ الْجَاهِلِيَّةِ الْفَاسِدَةُ زَمَاناً وَمَكَاناً بِأَبِي بَكْرٍ ، وَطَهَّرَ اللهُ الْحَرَمَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِعَلِيٍّ (عليه السلام) ، فالأمر الفاسد وقتا ومكانا ما توجّه فيه أبو بكر ونزّه عنه عليّ ع. والأمر الحقّ الّذي هو في قرائة برائة على المشركين (٢) عزل عنه أبو بكر وتوجّه به عليّ ، وكذلك نزّهه (صلىاللهعليهوسلم) عن الصّلاة في المدينة بالمنافقين ، إذ كان (عليه السلام) لا يجوز أن يكون إماما لقوم ليس فيهم إلّا منافق أو مشرك فهذه هي العلّة.
__________________
(١) سورة البقرة الآية : ١٩٩.
(٢) وفي «ش» : الّذي عنه عزله ووجّه عليّا وكذلك نزّهه عن الصّلاة بالمدينة بالمنافقين.