عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُمْ فِي الْأَمْرِ نَصِيبٌ مَا بَقُوا ، وَأَخَذُوا بِأَنْفَاسِهِمْ ، وَاعْتَرَضَ فِي حُلُوقِهِمْ ، فَأَجْمَعُوا إِجْمَاعاً وَاحِداً ، فَصَرَفُوا الْوِلَايَةَ عَنِّي إِلَى عُثْمَانَ وَأَخْرَجُونِي مِنَ الْإِمْرَةِ عَلَيْهِمْ! رَجَاءَ أَنْ يَنَالُوهَا وَيَتَدَاوَلُوهَا ، ثُمَّ قَالُوا هَلُمَّ فَبَايِعْ وَإِلَّا جَاهَدْنَاكَ!!.
فَبَايَعْتُ مُسْتَكْرَهاً ، وَصَبَرْتُ مُحْتَسِباً ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ إِنَّكَ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ لَحَرِيصٌ ، قُلْتُ : حِرْصِي عَلَى أَنْ يَرْجِعَ حَقِّي فِي عَافِيَةٍ ، وَلَا يَجُوزُ لِي عَنْهُ السُّكُوتُ لِإِثْبَاتِ الْحُجَّةِ عَلَيْكُمْ ، وَأَنْتُمْ حَرَصْتُمْ عَلَى دُنْيَا تَبِيدُ ، فَإِنِّي قَدْ جَعَلَنِيَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَوْلَى بِهِ مِنْكُمْ ، وَأَنْتُمْ تَصْرِفُونَ وَجْهِي دُونَهُ ، وَتَحُولُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ ، فَبُهِتُوا ، (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
اللهُمَّ إِنِّي أَسْتَعْدِيكَ عَلَى قُرَيْشٍ ، فَإِنَّهُمْ قَطَعُوا رَحِمِي ، أَضَاعُوا سُنَّتِي ، وَصَغَّرُوا عَظِيمَ مَنْزِلَتِي ، وَأَجْمَعُوا عَلَى مُنَازَعَتِي ، أَمْراً كُنْتُ أَوْلَى النَّاسِ بِهِ مِنْهُمْ فَسَلَبُونِيهِ ، ثُمَّ قَالُوا : أَلَا إِنَّ فِي الْحَقِّ أَنْ تَأْخُذَهُ ، وَفِي الْحَقِّ أَنْ تُمْنَعَهُ (١) فَاصْبِرْ كَمَداً أَوْ مِتْ مُتَأَسِّفاً حَنَقاً ، وَايْمُ اللهِ لَوْ
__________________
(١) إِلَى هُنَا ذَكَرَ السَّيِّدُ الرَّضِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي نَهْجِ الْبَلَاغَةِ فِي كَلَامِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الرقم ٢١٤ وَهَذَا نَصُّهُ : أَللهُمَّ إِنِّي أَسْتَعْدِيكَ عَلَى قُرَيْشٍ وَمَنْ أَعَانَهُمْ فَإِنَّهُمْ قَدْ قَطَعُوا رَحِمِي وَأَكْفَئُوا إِنَائِي وَأَجْمَعُوا عَلَى مُنَازَعَتِي حَقّاً كُنْتُ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِي ، وَقَالُوا : أَلَا إِنَّ فِي الْحَقِّ أَنْ تَأْخُذَهُ وَفِي الْحَقِّ أَنْ تُمْنَعَهُ ، فَاصْبِرْ مَغْمُوماً أَوْ أمت [مِتْ] مُتَأَسِّفاً ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا لَيْسَ لِي رَافِدٌ وَلَا ذَابٌّ وَلَا مُسَاعِدٌ إِلَّا أَهْلُ بَيْتِي ، فَضَنِنْتُ بِهِمْ عَنِ الْمُنْيَةِ فَأَغْضَيْتُ عَلَى الْقَذَى ، وَجَرَعْتُ رِيقِي عَلَى