وَهَذَا بُرَيْدَةُ لَمْ يَمُتْ ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا مَقَالٌ لِقَائِلٍ؟! ،
فَلَمَّا احْتُضِرَ بَعَثَ إِلَى عُمَرَ فَوَلَّاهُ ، فَسَمِعْتُ وَأَطَعْتُ ، وَنَاصَحْتُ لِلدِّينِ ، وَتَوَلَّى عُمَرُ تِلْكَ الْأُمُورَ ، وَكَانَ مَرَضِيَّ السِّيرَةِ ، مَيْمُونَ النَّقِيبَةِ عِنْدَهُمْ ، حَتَّى إِذَا احْتُضِرَ ، قُلْتُ فِي نَفْسِي : لَنْ يَعْدِلَهَا عَنِّي ، فَجَعَلَنِي سَادِسَ سِتَّةٍ (١) ، وَأَمَرَ صُهَيْباً أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ! وَدَعَا أَبَا طَلْحَةَ زَيْدَ بْنَ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيَ (٢) ، فَقَالَ : كُنْ فِي خَمْسِينَ رَجُلاً مِنْ قَوْمِكَ فَاقْتُلْ مَنْ أَبَى أَنْ يَرْضَى مِنْ هَؤُلَاءِ السِّتَّةِ ،! فَكَيْفَ قَالَ : قُبِضَ رَسُولُ اللهِ (صلىاللهعليهوسلم) وَهُوَ عَنْ هَؤُلَاءِ السِّتَّةِ رَاضٍ ، وَقَالَ : فِي حَالَةٍ : اقْتُلْ مَنْ أَبَى مِنْهُمْ وَهُمْ عِنْدَهُ مِمَّنْ قَدْ رَضِيَ اللهُ وَرَسُولُهُ عَنْهُمْ ، إِنَّ ذَلِكَ لَمِنَ الْعَجَبِ!!
ثُمَّ اجْتَمَعُوا فَمَا كَانُوا لِوِلَايَةِ أَحَدٍ أَشَدَّ كَرَاهِيَةٍ مِنْهُمْ لِوِلَايَتِي عَلَيْهِمْ ، فَكَانُوا يَسْمَعُونِّي أُحَاجُّ أَبَا بَكْرٍ فَأَقُولُ :
يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ إِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْكُمْ مَا كَانَ فِينَا مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ ، وَيَعْرِفُ السُّنَّةَ وَيَدِينُ بِدِينِ الْحَقِّ ، فَخَشِيَ الْقَوْمُ إِنْ أَنَا وُلِّيتُ
__________________
= الْخُلَفَاءِ) (صلىاللهعليهوسلم) ٦٢٨ ، و ٦٣١ : وَقَالَ الْأَجْلَحُ الْكِنْدِيُّ : عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : «يَا بُرَيْدَةُ لَا تَقَعَنَّ فِي عَلِيٍّ فَإِنَّهُ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ ، وَهُوَ وَلِيُّكُمْ بَعْدِي».
(١) كما صرّح عليهالسلام ذلك في الخطبة الشّقشقيّة وهي الخطبة الثّالثة من نهج البلاغة ، قال : «جعلها في جماعة زعم أنّي أحدهم ، فيا لله وللشّورى»!.
(٢) هو : زيد بن سهل بن الأسود أبو طلحة الأنصاريّ المدنيّ ، تهذيب الكمال ج ١٠ ، (صلىاللهعليهوسلم) ٧٥ ، الرقم : ٢١١٠.