..............................................................
__________________
إنّه بلغني أن قائلا منكم يقول (١) : لو مات أمير المؤمنين بايعت فلانا ، فلا يغرّن إمرا أن يقول : إنّ بيعة أبي بكر كانت فلتة ، فلقد كانت كذلك ، ولكنّ الله وقى شرّها ، وليس فيكم من تقطّع إليه الأعناق كأبي بكر ، وأنّه كان من خبرنا حين توفّى رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، أنّ عليّا والزّبير تخلّفا عنّا في بيت فاطمة ومن معهما ، وتخلّفت عنّا الأنصار ، واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر ، فقلت له : إنطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار ، فانطلقنا نحوهم فلقينا رجلان صالحان من الأنصار قد شهدا بدرا ، أحدهما عويم بن ساعدة ، والثّاني معن بن عديّ ، فقالا لنا : إرجعوا فاقضوا أمركم بينكم ، فأتينا الأنصار ، وهم مجتمعون في سقيفة بني ساعدة وبين أظهرهم رجل مزمّل ، فقلت من هذا؟ قالوا : سعد بن عبادة وجع ، فقام رجل منهم ، فحمد الله وأثنى عليه فقال : أمّا بعد فنحن الأنصار ، وكتيبة الإسلام وأنتم يا معشر قريش رهط نبيّنا ، قد دفّت إلينا دافّة من قومكم ، فإذا أنتم تريدون أن تغصبونا الأمر.
فلمّا سكت ، وكنت قد زوّرت في نفسي مقالة أقولها بين يدي أبي بكر ، فلمّا ذهبت أتكلّم ، قال أبو بكر : على رسلك! ، فقام فحمد الله وأثنى عليه ، فما ترك شيئا كنت زوّرت في نفسي إلّا جاء به أو بأحسن منه ، وقال : يا معشر الأنصار إنّكم لا تذكرون فضلا إلّا وأنتم له أهل ، وإنّ العرب لا تعرف هذا الأمر إلّا لقريش أوسط العرب دارا ونسبا ، وقد رضيت لكم أحد
__________________
(١) قال ابن أبي الحديد : وقال شيخنا أبو القاسم البلخيّ : قال شيخنا أبو عثمان الجاحظ : إنّ الرّجل الّذي قال : لو قد مات عمر لبايعت فلانا عمّار بن ياسر ، قال : لو قد مات عمر لبايعت عليّا (عليهالسلام) فهذا القول هو الّذي هاج عمر أن خطب بما خطب به.