__________________
فلمّا حضرت العصر أقام بلال الصّلاة ثمّ أمر أبا بكر فتقدّم بهم وجاء رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم بعد ما دخل أبو بكر في الصّلاة ، فلما رأوه صفحوا وجاء رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم يشقّ النّاس حتّى قام خلف أبي بكر ، قال : وكان أبو بكر اذا دخل في الصّلاة لم يلتفت ، فلما رأى التصفيح لا يمسك عنه التفت فرأى النبي صلّى الله عليه (وآله) وسلّم خلفه ، فاومأ إليه رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم بيده أن أمضه ، فقام أبو بكر كهيئته فحمد الله على ذلك ثم مشى القهقرى ، فتقدّم رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم فصلّى بالنّاس.
فلما قضى رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم صلاته قال : يا أبا بكر ما منعك اذ أومأت إليك ان لا تكون مضيت؟ فقال أبو بكر : لم يكن لابن أبي قحافة ان يؤمّ رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم ؛ وقال للنّاس : اذا نابكم في صلاتكم شيء فليسبّح الرّجال وليصفّح النّساء (١).
هذا حديث متّفق على صحّته ، أخرجه البخاري عن حمّاد (٢) وأخرجه مسلم عن يحيى عن مالك (٣) كلاهما عن أبي حازم ، وهو ظاهر لا يحتاج الى كشف ، وانّ رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم أمّ النّاس.
[قال ابن الجوزي] :
وأما المرّة الثّانية فكانت في مرضه صلّى الله عليه (وآله) وسلّم ، أخبرنا ابن الحصين قال : أخبرنا ابن المذهب ، قال أخبرنا أحمد بن جعفر ، قال : حدّثنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدّثني أبي ، قال : حدّثنا أبو معاوية ، قال : حدّثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، قالت : لمّا ثقل رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم جاء بلال يؤذنه بالصّلاة ، فقال : مروا أبا بكر فليصلّ بالنّاس ، قالت : فقلت : يا رسول الله انّ أبا بكر رجل أسيف وانّه متى قام مقامك لا يسمع النّاس ، فلوا أمرت عمر ، فقال : مروا أبا بكر فليصلّ بالنّاس ،
__________________
(١) مسند أحمد بن حنبل ٥ / ٣٢٢ مع اختلاف في بعض الألفاظ.
(٢) كتاب الأحكام ، باب : الإمام يأتي قوما فيصلح بينهم.
(٣) الموطّأ ، ج ١ (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ١٦٣ ، الحديث : ٦١ باب الإلتفات والتصفيق عند الحاجة في الصّلاة.