أسطحتهم (١). وحمل الشيخ شمس الدّين ابن غانم إلى الجامع مريضا ، وطلب منه مائة ألف درهم. وصودر الفامية والقصّابون.
وكان مشدّ المصادرة علاء الدّين أستاذ دار قبحق ، والّذي يقرر على النّاس الصفيّ السّنجاريّ ، قدم مع التّتار ، والحنّ والبنّ أولاد الجريريّ (٢). وكثرت العوانية ، وظهرت النفوس الخبيثة بالأذية والمرافعة ، ونهب أهراء الأمراء ودورهم.
وذكر الشيخ وجيه الدين ابن المنجا أنّ الّذي حمل إلى خزانة قازان ثلاثة آلاف ألف وستمائة ألف درهم سوى ما محق من الرسوم والبرطيل ، وسوى ما استخرج لغيره من الكبار ، بحيث أنّه اتّصل إلى شيخ الشيوخ ما يقارب ستمائة ألف درهم (٣).
قلت : واشتد البلاء وهلك ناس كثير في هذه المصادرة ، وافتقروا ، وإلى اليوم. وبعضهم ركبه الدّين. وجبي من بعض النّاس على الرءوس والدور.
ثم يوم التّاسع والعشرين نودي في البلد بإطلاق الطلب ، وانصرفت الأعيان إلى بيوتهم.
__________________
(١) تاريخ سلاطين والمماليك ٧١ ، المقتفي ٢ / ورقة ٨ أ.
(٢) ذكر المؤلف الذهبي رحمهالله في ذيل تاريخ الإسلام ١٧٦ : الشيخ علي بن محمد ابن الشيخ الكبير الجريريّ شيخ الفقراء ، كان أحد الأخوين التوأمين ، الملقّبين بالحنّ والبن ، وكانا قد دخلا في أذية الناس أيام قازان ، فغرق هذا في جامع بلد بعلبكّ بالسيل العظيم الّذي لم يسمع بمثله بعد الطوفان : جاء سيل في صفر سنة سبع عشرة وسبعمائة ....».
وفي تاريخ سلاطين المماليك ٧٢ «الحريري» بالحاء المهملة ، وكذا في نهاية الأرب ٣١ / ٣٩٧ ، وعمل الشعراء فيهما :
دهتنا أمور لا يطاق احتمالها |
|
فسلمنا منها الإله له المنّ |
أتتنا تتار كالرمال تخالهم |
|
هم الجن حتى معهم الحن والبنّ |
وانظر أبياتا أخرى فيهما لابن الزملكاني ، والكامل الشافعيّ ، وابن البيساني ، والحريري : وغيره. (تاريخ سلاطين المماليك ٧٢ ، ٧٣ ، الدر الفاخر ٣٠ ، ٣١ وفيه «الحريري» أيضا و ٣٢ ، وعقد الجمان (٤) ٣٦ ، والنجوم الزاهرة ٨ / ١٢٦).
(٣) دول الإسلام ٢ / ٢٠٤ ، العبر ٥ / ٣٩٢ ، مرآة الجنان ٤ / ٢٣٠ ، البداية والنهاية ١٤ / ٩ ، السلوك ج ١ ق ٣ / ٨٩٤ ، عقد الجمان (٤) ٤٧ ، النجوم الزاهرة ٨ / ١٢٧.