المشايخ ثقله من العادليّة وخرج إلى الأردو (١) ، وأشار على من يعرف بالخروج من البلد فأسرع إليه الأعيان وبذلوا في فداء البلد الأموال ، والتمسوا منه أن يتوسط لهم. وكان شيخنا خبيثا طمّاعا ، وربما فعل ذلك خديعة ، وقيل : بل ليّن قازان للمغول. ثم خرج منه مرسوم في جوف اللّيل بأن : من عاودني في أمر دمشق يموت.
وأمّا الناس فباتوا في ليلة مزعجة ، وأصبحوا في بلاء شديد وبرد مفرط. وانضمّ جماعة إلى شيخ المشايخ يرومون الاحتماء به ، وهو في ذلك مصمّم لا يفرج عنهم كربة ولا يرق لمسلم (٢).
إثقال كاهل الدمشقيين بالرسوم
ثم لطف الله وبطل ذلك. ولكن أضعف المقرر على النّاس ، وجبيت الأموال ، وناب النّاس في الرسم أموال كثيرة ، فكان إذا وضع على الإنسان عشرة آلاف يكون ترسيم نحو الألفين. وأخذ هذه الأيام من البلد أكثر من عشرة آلاف فرس (٣) وسائر الحمير ، ووقع الضرب والتّعليق والعصر. وقرر على سوق الخواصين مائة ألف درهم (٤) ، وعلى الرمّاحين مائة ألف وعلى أهل سوق علي ستون ألفا (٥) ، وعلى الكبار مثل ابن منجا وابن القلانسيّ سبعون ألفا سبعون ألفا ، ويلحقها تتمّة المائة ألف. والطبقة الثانية ثلاثون ألفا ونحو ذلك (٦). والتزموا المبيت بالجامع بالمشهد الجديد ، وأخرق بالكبار وضرب جماعة من الأماثل ، وكثر النّهب وتشليح من يتطرف. واشتدّ ذلك يوم الجمعة ثامن وعشرين الشهر. وكثرت الضّجة بأعالي الدّور ، وهرب النّاس من
__________________
(١) هو مخيم السلطان كما في عقد الجمان (٤) ٣٤.
(٢) عقد الجمان (٤) ٣٥ ، ذيل مرآة الزمان ٤ / ورقة ٣١٥.
(٣) عقد الجمان (٤) ٤٨.
(٤) في تاريخ سلاطين المماليك ٧١ «مائة ألف وثلاثين ألف» ، ومثله في السلوك ج ١ ق ٣ / ٨٩٣ ، وعقد الجمان (٤) ٣٥ ، والمثبت يتفق مع المقتفي ٢ / ورقة ٨ أ
(٥) في تاريخ سلاطين المماليك ٧١ «مائة ألف درهم» ، والمثبت يتفق مع المقتفي ٢ / ورقة ٨ أ.
(٦) دول الإسلام ٢ / ٢٠٣ ، عقد الجمان (٤) ٣٥