وكنت أعلّق جميع ما يتعلّق بها من شرح مشكل ، ووضوح عبارة ، وضبط لغة ، وبارك الله لي في وقتي. وخطر لي الاشتغال بعلم الطّبّ ، فاشتريت كتاب «القانون» فيه ، وعزمت على الاشتغال فيه ، فأظلم عليّ قلبي ، وبقيت أيّاما لا أقدر على الاشتغال بشيء ، ففكّرت في أمري ، ومن أين دخل عليّ الدّاخل ، فألهمني الله أنّ سببه اشتغالي بالطّبّ ، فبعث «القانون» في الحال ، واستنار قلبي.
وقال : كنت مريضا بالرّواحيّة ، فبينا أنا في ليلة في الصّفّة الشّرقيّة منها ، وأبي وإخوتي نائمون إلى جنبي إذ نشّطني الله وعافاني من ألمي ، فاشتاقت نفسي إلى الذّكر ، فجعلت أسبّح ، فبينا أنا كذلك بين السّرّ والجهر ، إذ شيخ حسن الصّورة ، جميل المنظر ، يتوضّأ على البركة في جوف اللّيل ، فلمّا فرغ أتاني وقال : يا ولدي لا تذكر الله تشوّش على والدك وإخوتك وأهل المدرسة. فقلت : من أنت؟ قال : أنا ناصح لك ، ودعني أكون من كنت.
فوقع في نفسي أنّه إبليس فقلت : أعوذ بالله من الشّيطان الرّجيم ، ورفعت صوتي بالتّسبيح ، فأعرض ومشى إلى ناحية باب المدرسة ، فانتبه والدي والجماعة على صوتي ، فقمت إلى باب المدرسة فوجدته مقفلا ، وفتّشتها فلم أجد فيها أحدا غير أهلها. فقال لي أبي : يا يحيى ما خبرك؟ فأخبرته الخبر ، فجعلوا يتعجّبون ، وقعدنا كلّنا نسبّح ونذكر.
قلت : ثمّ سمع الحديث ، فسمع «صحيح مسلم» من الرّضى ابن البرهان. وسمع «صحيح البخاريّ» و «مسند أحمد» ، و «سنن أبي داود» ، والنّسائيّ ، وابن ماجة ، و «جامع التّرمذيّ» و «مسند الشّافعيّ» و «سنن الدّارقطنيّ» و «شرح السّنة» وأشياء عديدة.
وسمع من : ابن عبد الدّائم ، والزّين خالد ، وشيخ الشّيوخ شرف الدّين عبد العزيز ، والقاضي عماد الدّين عبد الكريم بن الحرستانيّ ، وأبي محمد عبد الرحمن بن سالم الأنباريّ ، وأبي محمد إسماعيل بن أبي اليسر ، وأبي