إقليم فارس العمل فيه على أصحاب الحديث وأصحاب أبي حنيفة ... إقليم كرمان المذاهب الغالبة للشافعي ... إقليم السند مذاهبهم أكثرها أصحاب حديث ، وأهل الملتان شيعة يهوعلون في الأذان ـ أي يقولون حيّ على خير العمل ـ ويثنّون في الإقامة ـ أي يقولون الله أكبر مرّتين ، وأشهد أن لا إله إلّا الله مرّتين أيضاً وهكذا ـ ولا تخلو القصبات من فقهاء على مذهب أبي حنيفة (١).
وأمّا ابن بطوطة في رحلته فيقول : «كان ملك العراق السلطان محمد خدابنده قد صحبه في حال كفره فقيه من الروافض الإمامية يسمّى جمال الدين بن مطهّر ـ يعني العلّامة الحلي (٦٤٨ ـ ٧٢٦ ه) ـ فلمّا أسلم السلطان المذكور وأسلمت بإسلامه التتر زاد في تعظيم هذا الفقيه ، فزيّن له مذهب الروافض وفضّله على غيره ... فأمر السلطان بحمل الناس على الرفض ، وكتب بذلك إلى العراقين وفارس وآذربايجان واصفهان وكرمان وخراسان ، وبعث الرسل إلى البلاد ، فكان أوّل بلاد وصل إليها الأمر بغداد وشيراز واصفهان ، فأمّا أهل بغداد فخرج منهم أهل باب الأزج يقولون : لا سمعاً ولا طاعة ، وجاءوا للجامع وهدّدوا الخطيب بالقتل إن غيّر الخطبة ، وهكذا فعل أهل شيراز وأهل أصفهان (٢).
وقال القاضي عيّاض في مقدّمة «ترتيب المدارك» وهو يحكي انتشار مذهب مالك : وأمّا خراسان وما وراء العراق من بلاد المشرق فدخلها هذا المذهب أوّلاً بيحيى بن يحيى التميمى ، وعبد الله بن المبارك ، وقتيبة بن سعيد ، فكان له هناك أئمّة على مرّ الأزمان ، وتفشّى بقزوين وما والاها من بلاد الجبل. وكان آخر من درس منه بنيسابور أبو إسحاق بن القطّان ، وغلب على تلك البلاد مذهبا
__________________
(١) شمس الدين محمد بن أحمد المقدسي ، أحسن التقاسيم : ١١٩ (ألّفه عام ٣٧٥ ه).
(٢) رحلة ابن بطوطة : ٢١٩ ـ ٢٢٠.