وتلقّبوا عدلية قلنا نعم |
|
عدلوا بربّهم فحسبهم سفه (١) |
فيا لله! ما ذا يعني تاجُ الدين السبكي بقوله : تعطيل الذات مع نفي الصفة؟ فإنّ أحداً من المسلمين لا يعطل الذات عن الوصف بالعلم والقدرة والحياة والسمع ، نعم إن عنى من تعطيل الذات نفي وصفه سبحانه بالأوصاف الخبرية بمعانيها اللغوية ، كاليد والرجل والنزول ووضع القدم في الجحيم ؛ فإنّ هذا ليس تعطيلاً ، بل مرجعه إلى التنزيه مع عدم التعطيل بجعلها كناية عن المعاني الأُخَر ، تبعاً لأُسلوب الفصحاء والبلغاء والذكر الحكيم ، كلام فصيح وبليغ ، ليس فوقه شيء ؛ فلا يعدّ مثل ذلك تعطيلاً ، نعم ، من يحاول وصفه سبحانه بهذه الصفات بمعانيها اللغوية ، ويقول : إنّ لله تبارك وتعالى يداً ورجلاً ونزولاً وحركةً بالمعنى الحقيقي ولكن لا تُعرَف كيفيتُها ، يحاول الجمع بين المتضادّين ؛ فإنّ مقتضى الحمل على المعاني اللغوية سيادة تلك المعاني على موردها ، ومقتضى نفي الكيفية نفي معانيها اللغوية ، فكيف يعدّون أنفسهم من المثبتين وأهل التنزيه من المعطلة.
ولا يقاس ذلك بوصفه سبحانه بالعلم والقدرة مع عدم العلم بالكيفية ؛ لأنّ الكيفية فيهما ليست مقوّمة لواقعهما ، فالعلم بمعنى انكشاف الواقع ، وأمّا كونه عَرَضاً أو جوهراً حالًّا أو محلًّا فليست مقوّمة لمفهومه حتّى يرجع نفي الكيفية إلى نفي واقع العلم ، وهذا بخلاف اليد ؛ فإنّها بلا كيفية ليست يداً لغة.
وأظنّ أنّه لو انعقد مؤتمر علميّ في جوٍّ هادئ واستعدّت الطائفتان للتأمُّل في براهين النافين والمثبتين لقلّ الخلاف وتقاربت الطائفتان.
نعم ، إنّ خلافاً دام قروناً لا ينتهي بأُسبوع أو شهر أو بعقد مؤتمر أو مؤتمرين ولكن الرجاء تقريب الخطى وعدم تكفير إحدى الطائفتين للطائفة الأُخرى.
__________________
(١) الآلوسي ، روح المعاني ٩ : ٥٢