وعقابه ، ما يزول به الشكوك ، وتُعلم حقيقة قدرة الله عزوجل ، وتصديقُ ذلك في كتاب الله عزوجل : (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (١) فمعنى ما روى في الحديث أنه عزوجل يرى أي يعلم عِلماً يقينياً كقوله عزوجل : (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ) (٢) وقوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ) (٣) وقوله : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ) (٤) وأشباه ذلك من رؤية القلب وليست من رؤية العين (٥).
* * *
هذه مسألة رؤية الله ، وهذه أقوال الأُمّة فيها ، وهذا خلافهم الممتدّ من العصور الأُولى إلى عصرنا هذا ، وهي مسألة كلامية اختلفت فيها أنظار الباحثين ولكلٍّ دليله وبرهانه ، والنافي للرؤية ينفي لاستلزامها إثبات التجسيم والتشبيه ، مضافاً إلى تضافر الآيات على نفيها بدلالات مختلفة ، والمثبت إنّما يُثبتها اغتراراً ببعض الظواهر والروايات الواردة في الصحاح.
ولكن ليس لكلّ من الطائفتين تكفير الأُخرى ؛ لأنّ النافي يستند إلى أدلّة مشرقة تقنع كلّ من نظر إليها بلا نظر مسبق ، وقول المثبت وإن كان يستلزم الجهة والتجسيم ، لكنّه يقول بها مع التبرّي عن تواليها ، متحصناً بقوله : «بلا كيف» ، فتكون المسألة مسألة كلامية كسائر المسائل الكلامية.
__________________
(١) ق : ٢٢.
(٢) الفرقان : ٤٥.
(٣) البقرة : ٢٥٨.
(٤) الفيل : ١.
(٥) التوحيد : ص ١٢٠.