بأقوالهم وأفعالهم ، وحينما نراجع ما روي عنهم ودوّنه الأثبات من المحدّثين كالشيخ الصدوق (٣٠٦ ـ ٣٨١ ه) في كتاب التوحيد ، نجد مرويّاتهم المسندة إلى آبائهم عن عليّ عن النبيّ ، تعارض ما رواه قيس بن أبي حازم ، وإليك نماذج من أحاديثهم :
أ ـ روى الصدوق عن عبد الله بن سنان عن أبيه قال : حضرت أبا جعفر (محمّد الباقر) عليهالسلام فدخل عليه رجل من الخوارج فقال له : يا أبا جعفر أيّ شيء تَعبد؟
قال : «الله» ، قال : رأيته؟ قال : «لم تره العيون بمشاهدة العيان ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان ، لا يُعرف بالقياس ، ولا يُدرك بالحواس ، ولا يُشبه بالناس ، موصوف بالآيات ، معروف بالعلامات ، لا يجور في حكمه ، ذلك الله لا إله إلّا هو» ، قال : فخرج الرجل وهو يقول : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) (١).
ب ـ روى الصدوق أيضاً عن أبي الحسن الموصلي ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : جاء حبر إلى أمير المؤمنين عليهالسلام فقال : يا أمير المؤمنين هل رأيت ربّك حين عبدته؟
فقال : «ويلك! ما كنت أعبد رباً لم أره» ، وقال : كيف رأيته؟ قال : «ويلك! لا تُدركه العيون بمشاهدة الأبصار ، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان» (٢).
ج ـ أخرج الصدوق أيضاً عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «إنّ الله عظيم ، رفيع ، لا يقدر العباد على صفته ، ولا يبلغُون كنهَ عظمته ، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ، وهو اللطيف الخبير ، ولا يوصف بكيف ولا أين
__________________
ورواه أيضاً بهذا اللفظ الدارمي في سننه ٢ : ٤٣١ ـ ٤٣٢ باسناد صحيح ، وغيرهما ؛ وفي رواية الترمذي وقع بلفظ «وعترتي أهل بيتي» ففي سنن الترمذي ٥ : ٦٦٣ برقم ٣٧٨٨ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «إنّي تاركٌ فيكم ما إنْ تمسّكتم به لن تضلوا بعدي ، أحدهما أعظم من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما».
(١) الصدوق ، التوحيد ، باب ما جاء في الرؤية ، الحديث ٥ ، والسائل من الخوارج وهؤلاء كالإماميّة والمعتزلة يذهبون إلى امتناع الرؤية.
(٢) المصدر السابق ، الحديث ٦ ، والسائل أحد أحبار اليهود القائلين بجواز الرؤية.