هذا) (١) وقال سبحانه : (وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا) (٢).
وعلى ذلك يكون المراد من الجميع هو لقاء الناس يوم الجزاء ، بمعنى حضور الناس في يوم القيامة للمحاسبة والمجازاة ، إن خيراً فخير وإن شرّاً فشرّ ، وإنّما سُمِّي هذا بلقاء الرب أو لقاء الله لما تعلّقت مشيئته على مجازاة المحسنين والمسيئين في ذلك اليوم ، فبما أنّه سبحانه يجزي المحسن والمسيء في ذلك اليوم فكأنّهم يلقونه سبحانه فيه لا قبله.
وفي نفس الآيات الّتي استدلّ بها على ذلك قرينة واضحة على أنَّ المراد من الآيات هو الحضور يوم القيامة ؛ وهي أنّه سبحانه يأمر من يرجو لقاء الربّ بالعمل الصالح ويقول : (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً) (٣) ، أي فليستعدّ لذلك اليوم بالعمل الصالح ، كما أنّه في آية أُخرى يأمر بتقديم شيء لهذا اليوم ويقول : (وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ) (٤) ، وذلك لأنّ مقتضى العلم بالحشر في ذلك اليوم والمحاسبة والمجازاة هو تقديم الأعمال الصالحة.
والذي يدلّ على أنّ المراد من اللقاء ليس هو الرؤية ، أنّ الرؤية تختصّ بالمؤمنين ولا تعمّ الكافرين ، مع أنّه سبحانه يُعمِّم اللقاء بالمؤمن والكافر فيقول : (فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ) (٥) فلو كان المراد من لقاء الله هو مشاهدته ورؤيته فيلزم أن يكون المنافق مشاهداً له ، فلم تبق أيّ فضيلة للمؤمنين ، مع أنّ القائلين بالرؤية يُزمِّرون بأنّ الرؤية فضيلة وزيادة تختصّ بالمؤمنين.
__________________
(١) الزمر : ٧١.
(٢) الجاثية : ٣٤.
(٣) الكهف : ١١٠.
(٤) البقرة : ٢٢٣.
(٥) التوبة : ٧.