وهذا أوّل الكلام ، وسيوافيك أنّ المراد منها هي الزيادة على الاستحقاق ، فانتظر حتّى يأتيك البيان.
وأمّا ما ذكره الدكتور تأييداً لما ذكره الرازي فَضَعْفُه واضح ؛ لأنّ الآية ليست بصدد مواساته ، وأمّا اختلاف الخطاب بينها وبين ما ورد في طلب نوح ، هو أنّ طلب موسى لَمّا كان نتيجة ضغطٍ من قومه دون طلب نوح ، صار الاختلاف في مبدأ الطلبين سبباً لاختلاف الخطابين ، فخوطب نوح بخطاب عتابي دون موسى عليهماالسلام ، وإنْ كان العتاب على ترك الأَولى.
الآية الثانية : الحسنى والزيادة
(لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (١).
فقد فسّرت الحسنى بالجنّة ، والزيادة بالنظر إلى وجه الله الكريم ، فقد روى مسلم في صحيحه عن صهيب عن النبيّ قال : «إذا أُدخل أهل الجنّة قال الله تبارك وتعالى : تريدون شيئاً أزيدكم ، فيقولون : ألم تُبيِّض وجوهنا؟ ألم تُدخِلنا الجنّة وتُنْجِنا من النار؟ قال : فيكشف الحجاب ، فما أُعطوا شيئاً أحبّ إليهم من التنظّر إلى ربّهم عزوجل».
وفي رواية ثمّ تلا : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) (٢).
إنّ القرآن الكريم كتاب عربي مبين وهو تبيان لكلّ شيء ، كما هو مقتضى قوله سبحانه : (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ) (٣) ، وحاشا أن يكون تبياناً
__________________
(١) يونس : ٢٦.
(٢) مسلم ، الصحيح ١ : ١٦٣ ؛ أحمد ، المسند ٤ : ٣٣٢.
(٣) النحل : ٨٩.