يفسّره أحد من أصحاب المعاجم بما ذكره الرازي.
وحاصل الكلام : أنّ اللفظة إذا اقترنت ببعض أدوات الإدراك كالبصر والسمع يحمل المعنى الكلّي ، أي اللحوق والوصول ـ على الرؤية والسماع ـ سواء كان الإدراك على وجه الإحاطة أو لا ، وأما إذا تجرّدت اللفظة عن القرينة تكون بمعنى نفس اللحوق ، قال سبحانه : (حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (١) ومعنى الآية : حَتَّى إِذَا لَحِقَهُ الْغَرَقَ ورأى نفسه غائصاً في الماء استسلم وقال : (آمَنْتُ ...).
وقال سبحانه : (فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى) (٢) ، أي لا تخاف لحوق فرعون وجيشه بك وبمن معك من بني إسرائيل.
وقال سبحانه : (فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) (٣) فأثبت الرؤية ونفى الدرك ، وما ذلك إلّا لأنّ الإدراك إذا جُرّد عن المتعلّق لا يكون بمعنى الرؤية بتاتاً ، بل بمعنى اللحوق.
نعم إذا اقترن بالبصر يكون متمحّضاً في الرؤية من غير فرق بين نوعٍ ونوع ، وتخصيصه بالنوع الإحاطي ـ لأجل دعم المذهب ـ افتراءٌ على اللغة.
* * *
__________________
(١) يونس : ٩٠.
(٢) طه : ٧٧.
(٣) الشعراء : ٦١.