رسول الله صلىاللهعليهوآله وتقول ـ أحسبه قال ـ : وما ذنبهما؟! ثمّ قال : لا يروى عن أبي هريرة إلّا من هذا الوجه (١).
ولمّا كان إسلام كعب الأحبار بعد رحيل الرسول ، لذلك تعذّر عليه إسناد ما رواه من أساطير إلى النبيّ الأكرم ، ولو أنّه أدرك شيئاً من حياته صلىاللهعليهوآله وإن كان قليلاً لنسب تلك الأساطير إليه ، ولكن حالت المشيئة الإلهية دون أمانيه الباطلة ، ولكنّ أبا هريرة لما صحب النبيّ واستحسن الظنّ بكعب الأحبار ، وكان أُستاذه في الأساطير نسب الرواية إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله.
هذا نموذج قدمته إلى القرّاء لكي يقفوا على دور الأحبار والرهبان في نشر البدع اليهودية والنصرانية بين المسلمين ، وأن لا يحسنوا الظنّ بمجرّد النقل من دون التأكّد من صحته.
هذا غيض من فيض وقليل من كثير ممّا لعب به مستسلمة اليهود والنصارى في أحاديثنا وأُصولنا ، ولو لا أنّه سبحانه قيّض في كلّ آنٍ رجالاً مصلحين كافحوا هذه الخرافات وأيقظوا المسلمين من السبات ، لذهبت هذه الأساطير بروعة الإسلام وصفائه وجلاله.
كعب الأحبار وتركيزه على التجسيم والرؤية
إنّ المتفحّص فيما نقل عن ذلك الحبر يقف على أنّه كان يركز على فكرتين يهوديّتين : الأُولى فكرة التجسيم ، والثانية رؤية الله تعالى.
يقول عن الفكرة الأُولى : إنّ الله تعالى نظر إلى الأرض فقال : إنّي واطئ على بعضك ، فاستعلت إليه الجبال ، وتضعضعت له الصخرة ، فشكر لها ذلك ، فوضع
__________________
(١) تفسير ابن كثير ٤ : ٤٧٥ ط دار الاحياء.