الأحبار عالماً به فالنبيّ أولى بالعلم منه.
وإن كنت في شكٍّ من ذلك فاقرأ نصّين في موضوع واحد أحدهما للإمام الطبري في تأريخه ينقله عن كعب الأحبار في حشر الشمس والقمر يوم القيامة ، والآخر للإمام ابن كثير صاحب التفسير ينقله عن أبي هريرة عن النبيّ الأكرم ، ومضمون الحديث ينادي بأعلى صوته بأنّه موضوع مجعول على لسان الوحي ، نشره الحبر الخادع وقبله الساذج من المسلمين.
١ ـ قال الطبري : عن عكرمة ، قال : بينا ابن عباس ذات يوم جالس إذ جاءه رجل فقال : يا ابن عباس سمعت العجب من كعب الحبر يذكر في الشمس والقمر ، قال : وكان متكئاً فاحتفز ثمّ قال : وما ذاك؟ قال : زعم يجاء بالشمس والقمر يوم القيامة كأنّهما ثوران عقيران فيقذفان في جهنم ، قال عكرمة : فطارت من ابن عباس شفة ووقعت أُخرى غضباً ، ثمّ قال : كذب كعب ، كذب كعب ، كذب كعب ، ثلاث مرّات ، بل هذه يهودية يريد إدخالها في الإسلام ، الله أجلّ وأكرم من أن يعذّب على طاعته ، ألم تسمع قول الله تبارك وتعالى : (وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ) (١) ، إنّما يعني دءوبهما في الطاعة ، فكيف يعذّب عبدين يُثني عليهما أنّهما دائبان في طاعته؟ قاتلَ الله هذا الحبر وقبّح حبريّته ، ما أجرأه على الله وأعظم فريته على هذين العبدين المطيعين لله!! قال : ثمّ استرجع مراراً (٢).
٢ ـ قال ابن كثير : روى البزار ، عن عبد العزيز بن المختار ، قال : سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن في هذا المسجد ـ مسجد الكوفة ـ وجاء الحسن فجلس إليه فحدّث ، قال : حدّثنا أبو هريرة أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ الشمس والقمر ثوران في النار عقيران يوم القيامة» فقال الحسن : وما ذنبهما؟ فقال : أُحدّثك عن
__________________
(١) ابراهيم : ٣٣.
(٢) الطبري ، التاريخ ١ : ٤٤ ط بيروت.