متعددة في مسائل التجسيم والتشبيه وكلها مستمدّة من التوراة (١).
وهذا هو المقدسي يتكلّم عن وجود هذه العقائد بين عرب الجاهلية ، يقول : وكان فيهم من كلّ ملّة ودين ، وكانت الزندقة والتعطيل في قريش ، والمزدكية والمجوسية في تميم ، واليهودية والنصرانية في غسان ، وعبادة الأوثان في سائرهم (٢).
ويقول ابن خلدون : إنّ العرب لم يكونوا أهلَ كتاب ولا علم ، وإنّما غلبت عليهم البداوة والأُميّة ، وإذا تشوّقوا إلى معرفة شيء ممّا تتوق إليه النفوس البشرية في أسباب المكوَّنات وبدء الخليقة وأسرار الوجود فإنّما يسألون عنه أهلَ الكتاب قبلهم ، ويستفيدونه منهم ، وهم أهل التوراة من اليهود ومن تبع دينهم من النصارى ، مثل كعب الأحبار ووهب بن منبّه وعبد الله بن سلام وأمثالهم ، فامتلأت التفاسير من المنقولات عندهم وتساهلَ المفسّرون في مثل ذلك وملئوا كتب التفسير بهذه المنقولات ، وأصلها كلّها كما قلنا من التوراة أو ممّا كانوا يفترون (٣).
ولو أردنا أن ننقل كلمات المحقّقين حول الخسارة التي أحدثها اليهود والنصارى لطال بنا الكلام وطال مقالنا مع القرّاء.
ومن أكابر أحبار اليهود الذين تظاهروا بالإسلام كعب الأحبار ؛ حيث خدع عقولَ المسلمين وحتى الخلفاء والمترجمين عنه من علماء الرجال ، فقد أسلم في زمن أبي بكر ، وقدِمَ من اليمن في خلافة عمر ، فانخدع به الصحابة وغيرهم.
قال الذهبي : العلّامة الحبر!! الذي كان يهودياً فأسلم بعد وفاة النبيّ ، وقدم المدينة من اليمن في أيام عمر (رض) ، وجالس أصحاب محمّد ، فكان يحدّثهم عن
__________________
(١) الشهرستاني ، الملل والنحل ١ : ١١٧.
(٢) المقدسي ، البدء والتاريخ ٤ : ٣١.
(٣) ابن خلدون ، المقدمة : ٤٣٩.