ب «محدَّثون» فقال ابن وهب : ملهَمون ، وقيل : مصيبون إذا ظنّوا ، فكأنّهم حدّثوا بشيء فظنّوه ، وقيل تكلّمهم الملائكة ، وجاء في رواية «مكلَّمون» وقال البخاري : يجري الصواب على ألسنتهم ، وفيه كرامات الأولياء (١). ومن راجع شروح الصحيحين يجد نظير هذه الكلمات بوفرة ؛ والرأي السائد في تفسير المحدّث هو تكليم الملائكة أو الإلقاء في الروع. هذا ما لدى السنّة.
روايات الشيعة حول المحدَّث
وأمّا الشيعة ، فعندهم أخبار عن أئمتهم تصرّح بأنّهم محدّثون وفي الوقت نفسه ليسوا بأنبياء ، فقد روى الكليني في باب الفرق بين الرسول والنبيّ والمحدّث أحاديث أربعة :
قال : «المحدّث الذي يسمع الصوت ولا يرى الصورة». وفي رواية أُخرى : سألته عن الإمام ما منزلته؟ قال : «يسمع الصوت ولا يرى ولا يعاين الملك».
إلى غير ذلك من الروايات المصرّحة بأنّ الأئمة الاثني عشر محدَّثون (٢).
روى الصفّار في بصائر الدرجات عن بريد : قلت لأبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام : ما منزلتكم بمن تُشَبَّهون ممّن مضى؟
فقال : «كصاحب موسى وذي القرنين كانا عالمين ولم يكونا نبيّين» (٣).
هذا ما لدى الفريقين. وبذلك يُعْلَم أنّ الإخبار عن الغيب بإذن من الله سبحانه لا يلازم كون المخبر نبياً ، وأنّ تَكَلُّم الملائكة مع إنسان لا يصلح دليلاً على كونه مبعوثاً من الله سبحانه للنبوّة.
__________________
(١) النووي ، شرح صحيح مسلم ١٥ : ١٦٦.
(٢) الكافي ١ : ١٧٦ باب الفرق بين الرسول والنبيّ والمحدّث.
(٣) بصائر الدرجات : ٣٦٨.