كتاب الله وسمّاه المصحف (١).
وأمّا ما هو واقع هذا الكتاب؟ فقد كشفت عنه الروايات المتضافرة عن أئمة أهل البيت ، وقد جمع قسماً كبيراً منها العلّامة الشيخ مصطفى قصير العاملي في دراسته كتاب عليّ ومصحف فاطمة.
وإليك بعضها :
١ ـ روى أبو عبيدة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «... إنّ فاطمة مكثت بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله خمسة وسبعين يوماً ، وكان دخلها حزن شديد على أبيها ، وكان جبرئيل عليهالسلام يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها ، ويطيب نفسها ، ويخبرها عن أبيها ومكانه ، ويخبرها بما يكون بعدها في ذريّتها ، وكان عليّ عليهالسلام يكتب ذلك ، فهذا مصحف فاطمة» (٢).
٢ ـ روى أبو حمزة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «مصحف فاطمة ما فيه شيء من كتاب الله ، وإنّما هو شيء أُلقي إليها بعد موت أبيها صلوات الله عليهما» (٣).
والعجب أنّ الدسّ الإعلامي قد اتّخذ لفظ «مصحف فاطمة» ذريعة لاتّهام الشيعة بأنّ عندهم قرآناً يسمى «مصحف فاطمة» ، وقد سعى غير واحد من دعاة التفرقة إلى نشر تلك الفكرة الخاطئة بين المسلمين ، ولكن خاب سعيهم ؛ فإنّ للحقّ دولة ، وللباطل جولة.
ولعلّ القارئ يسأل نفسه عن كون فاطمة محدَّثة تحدّثها الملائكة ، كما ورد في الرواية السابقة ، غير أنّ فاطمة عليهاالسلام لا تقلّ شأناً عن مريم البتول ، ولا عن امرأة الخليل ، قال سبحانه : (وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ
__________________
(١) السيوطي ، الإتقان في علوم القرآن ١ : ١٨٥.
(٢) الكليني ، الكافي ١ : ٢٤١.
(٣) الصفّار ، بصائر الدرجات : ص ١٩٥ ، ط مكتبة المرعشي.