وكلّما يبعث الخليفة عمر بن الخطاب والياً إلى قطرٍ أو بلدٍ يوصيه في جملة ما يوصيه بقوله : «جرّدوا القرآن ، وأقلّوا الرواية عن محمّد وأنا شريككم!!» (١) وربّما يعيب إفشاء الحديث عنه صلىاللهعليهوآله ويقول مخاطباً لأبي ذر ، وعبد الله بن مسعود ، وأبي الدرداء «وما هذا الحديث الذي تفشون عن محمد؟» (٢).
ففي تلك العصور الحرجة ، نرى أئمة أهل البيت يحتفظون بكتاب عليّ ، ويعتمدون عليه في نقل الحلال والحرام ، وبه يردّون ما كان يصدر من الفتيا الشاذّة عن الكتاب والسنّة ولا يقيمون للمنع عن الكتابة والرواية وزناً ولا قيمة ، ولنذكر نماذج من روايات كتاب عليّ ليعلم موقفه من صيانة السنّة من الضياع :
١ ـ روى أبو بصير عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام قال : كنت عنده فدعا بالجامعة فنظر فيها أبو جعفر عليهالسلام فإذا فيها : «المرأة تموت وتترك زوجَها ليس لها وارث غيره قال : فله المال كلّه» (٣).
٢ ـ روى أبو بصير المرادي قال : سألت أبا عبد الله عن شيء من الفرائض ، فقال : «ألا أُخرِج لك كتاب عليّ عليهالسلام» ـ إلى أن قال : ـ فأخرجه فإذا كتاب جليل وإذا فيه : «رجل مات وترك عمّه وخاله فقال : للعمّ الثلثان ، وللخال الثلاث» (٤).
٣ ـ روى عبد الملك بن أعين قال : دعا أبو جعفر بكتاب عليّ فجاء به جعفر مثل فخذ الرجل مطويّاً ، فإذا فيه : «إنّ النساء ليس لهنّ من عقار الرجل ـ إذا هو توفّي عنها ـ شيءٌ فقال أبو جعفر عليهالسلام : هذا والله خطّ عليّ بيده ، وإملاء رسول الله» (٥).
__________________
(١) الطبري ، التاريخ ٣ : ٢٧٣ طبعه الأعلمي بالاوفست.
(٢) كنز العمال ١٠ : ٢٩٣ / ٢٩٤.
(٣) بصائر الدرجات : ١٤٥.
(٤) الكليني ، الكافي ٧ : ١١٩.
(٥) الحرّ العاملي ، وسائل الشيعة ١٧ ٥٢٢ ، الباب ٦ من أبواب ميراث الأزواج ، الحديث ١٧.