وتميِّزون به بين الصحيح والزائف لا بالبرهنة والاستدلال ، بل بالشهود والمكاشفة ، قال سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١).
وهناك آيات وروايات تدلّ بوضوح على انفتاح هذا الباب في وجه الإنسان ، نكتفي بما ذكرناه.
السؤال الرابع : ادّعاء النقص في التشريع الإسلامي.
كلّما تكاملت جوانب الحضارة وتشابكت ، وتعدّدت ألوانها ، واجه المجتمع أوضاعاً وأحداثاً جديدة وطرحت عليه مشاكل طارئة لا عهد للأزمنة السابقة بها ، إذن فحاجة المجتمع إلى قوانين وتشريعات جديدة لا تزال تتزايد كلّ يوم تبعاً لذلك ، وما جاء به الرسول لا يجاوز قوانين محدودة ، فكيف تفي النصوص المحدودة بالحوادث الطارئة غير المتناهية؟
الجواب : إنّ خلود التشريع وبقاءه في جميع الأجيال ومسايرته للحضارات الإنسانية ، واستغناءه عن كلّ تشريع سواه ، يتوقّف على وجود أمرين فيه :
الأول : أن يكون التشريع ذا مادّة حيوية خلّاقة للتفاصيل بحيث يقدر معها علماء الأُمّة والأخصائيون منهم على استنباط كلّ حكم يحتاج إليه المجتمع البشري في كلّ عصر من الأعصار.
الثاني : أن ينظر إلى الكون والمجتمع بسعة وانطلاق ، مع مرونة خاصة تماشي جميع الأزمنة والأجيال ، وتساير الحضارات الإنسانية المتعاقبة ، وقد أحرز التشريع الإسلامي كِلا الأمرين ، أمّا الأوّل فقد أحرزه بتنفيذ أُمور :
__________________
(١) الحديد : ٢٨.