فتصرّح الآية بانفتاح هذا الباب بمصراعيه في وجه البشر كافّة من غير فرق بين جماعة دون جماعة ، حتّى أنّ أهل الكتاب لو آمنوا بما آمن به المسلمون لقبلنا إيمانهم وكفّرنا عنهم سيئاتهم.
هذا هو كل ما كان يريد القرآن بيانه من خلال هذه الآيات ، وليس أيّ شيء آخر.
إذن فلا دلالة لهذه الآيات الثلاث على إقرار الإسلام لشرعيّة الشرائع بعد ظهوره ... وإنّما تدلّ على أنّ القرآن يحاول بها إبطال بعض المزاعم.
هذا كله حول السؤال القرآني ، وهناك أسئلة أُخرى جديرة بالذكر والتحليل ، وإليك بيانها :
السؤال الثاني : لما ذا ختمت النبوّة التبليغية؟
إنّ الشريعة الإسلامية شريعة متكاملة الأركان ؛ فلا شريعة بعدها ، ومع الاعتراف بذلك يطرح هذا السؤال :
إنّ الأنبياء كانوا على قسمين : منهم من كان صاحب شريعة ، ومنهم من كان مبلّغاً لشريعة مَن قبله من الأنبياء ، كأكثر أنبياء بني إسرائيل الذين كانوا يبلِّغون شريعة موسى بين أقوامهم.
فهب أنّه ختم باب النبوّة التشريعية لكون الشريعة الإسلامية متكاملة ، فلما ذا ختم باب النبوّة التبليغية؟
والجواب عنه ، غنى الأُمة الإسلامية عن هذا النوع من النبوّة ، وذلك لوجهين :
الوجه الأول : أنّ النبيّ الأكرم ترك بين الأُمّة الكتابَ والعترة وعرّفهما إليها ، وقال : لن تضلّ الأُمّة ما دامت متمسّكة بهما.
فإذا كانت الهداية تكمن في التمسّك بهما فالأُمّة الإسلامية في غنى عن المهمّة