النصّ الأول :
قوله سبحانه : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) (١).
توضيح الآية : تبنّى رسول الله صلىاللهعليهوآله زيداً قبل عصر الرسالة ، وكانت العرب يُنزِّلون الأدعياء منزلة الأبناء في أحكام الزواج والميراث ، فأراد الله سبحانه أن ينْسخ تلك السنّة الجاهلية ، فأمر رسوله أن يتزوّج زينب زوجة زيدٍ بعد مفارقته لها ، فلمّا تزوّجها رسول الله أوجد ذلك ضجّة بين المنافقين والمتوغّلين في النزعات الجاهلية والمنساقين وراءها ، فردّ الله سبحانه مزاعمهم بقوله (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ) من الذين لم يلدهم ومنهم زيد (وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ) وهو لا يترك ما أمره الله به (وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) وآخرهم خُتِمت به النبوّة ، فلا نبيّ بعده ، ولا شريعة بعد شريعته ، فنبوّته أبدية ، وشريعته باقية إلى يوم الدين.
الخاتم وما يراد منه :
لقد قرئ لفظ الخاتم بوجهين :
الأوّل : بفتح التاء وعليه قراءة عاصم ، ويكون بمعنى الطابع الذي تختم به الرسائل والمواثيق ، فكان النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله بالنسبة إلى باب النبوة كالطابع ؛ ختم به باب النبوة ، وأُوصِدَ وأُغْلِقَ فلا يفتح أبداً.
الثاني : بكسر التاء وعليه يكون اسم فاعل ؛ أي الذي يختم باب النبوّة ، وعلى كلتا القراءتين فالآية صريحة على أنّ باب النبوة أو بعث الأنبياء خُتم بمجيء النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله.
قال أبو محمد الدميري :
__________________
(١) الأحزاب : ٤٠.