الخاتمية في الذكر الحكيم
اتّفقت الأُمّة الإسلامية ـ عن بكرة أبيها ـ على أنّ نبيّهم محمداً صلىاللهعليهوآله خاتم النبيّين ، وأنّ دينه خاتم الأديان ، وكتابه خاتم الكتب والصحف ، فهو صلىاللهعليهوآله آخر السفراء الإلهيين ، أُوصد به باب الرسالة والنبوة ، وختمت به رسالة السماء إلى الأرض.
لقد اتّفق المسلمون كافّة على أنّ دين نبيّهم دين الله الأبدي ، وكتابه كتاب الله الخالد ودستوره الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وقد أنهى الله إليه كلّ تشريع وأودع فيه أُصول كلّ رقي ، وأناط به كلّ سعادة ورخاء ، فاكتملت بدينه وكتابه الشرائع السماوية التي هي رسالة السماء إلى الأرض.
توضيحه : أنّ الشريعة الإلهية الحقّة التي أنزلها الله تعالى إلى أوّل سفرائه لا تفترق جوهراً عمّا أنزله على آخرهم ، بل كانت الشريعة السماوية في بدء أمرها نواة قابلة للنموّ والنشوء ؛ فأخذت تنمو وتستكمل عبر القرون والأجيال ؛ حسب تطور الزمان وتكامل الأُمم ، وتسرّب الحصافة إلى عقولهم ، وتسلّل الحضارة إلى حياتهم.
ويفصح عمّا ذكرنا قوله سبحانه : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً ...) (١) فقد وصّى نبينا محمداً بما وصّى به نوحاً ، من توحيده سبحانه وتنزيهه عن الشرك ، والدعوة إلى مكارم الأخلاق والتنديد بالجرائم الخلقية ، والقضاء على أسبابها ، إلى غير ذلك ممّا تجده في صحف الأوّلين والآخرين.
وتتجلّى تلك الحقيقة الناصعة ؛ أي وحدة الشرائع السماوية من مختلف الآيات
__________________
(١) الشورى : ١٣.