وذلك لأنّ رواية أنس نصّ في اختصاص الجواز على حالة الضرورة ، فتكون قرينة على المراد من هذه المطلقات ، وإليك بعض ما روي في هذا المجال :
١ ـ عبد الله بن محرز عن أبي هريرة : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يصلّي على كور عمامته (١).
إنّ هذه الرواية مع أنّها معارضة لما مرّ من نهي النبيّ صلىاللهعليهوآله عن السجود عليه ، محمولة على العذر والضرورة ، وقد صرّح بذلك الشيخ البيهقي في سننه ، حيث قال : قال الشيخ : «وأمّا ما روي في ذلك عن النبيّ صلىاللهعليهوآله من السجود على كور العمامة فلا يثبت شيء من ذلك ، وأصحّ ما روي في ذلك قول الحسن البصري حكاية عن أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآله (٢).
وقد روي عن ابن راشد قال : «رأيت مكحولاً يسجد على عمامته فقلت : لما تسجد عليها؟ قال أتّقي البرد على أسناني» (٣).
٢ ـ ما روي عن أنس : «كنّا نصلّي مع النبيّ صلىاللهعليهوآله فيسجد أحدنا على ثوبه» (٤).
والرواية محمولة على صورة العذر بقرينة ما رويناه عنه ، وبما رواه عنه البخاري : «كنّا نصلّي مع النبيّ صلىاللهعليهوآله في شدّة الحرّ ، فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكّن وجهه من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه» (٥).
ويؤيّده ما رواه النسائي أيضاً : «كنّا إذا صلّينا خلف النبيّ صلىاللهعليهوآله بالظهائر سجدنا على ثيابنا اتّقاء الحرّ» (٦).
وهناك روايات قاصرة الدلالة حيث لا تدلّ إلّا على أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله صلّى على
__________________
(١) كنز العمال ٨ : ١٣٠ / ٢٢٢٣٨.
(٢) السنن الكبرى ٢ : ١٠٦.
(٣) المصنّف لعبد الرزاق ١ : ٤٠٠ كما في سيرتنا وسنّتنا ، والسجدة على التربة : ٩٣.
(٤) السنن الكبرى ٢ : ١٠٦ ، باب من بسط ثوباً فسجد عليه.
(٥) البخاري ٢ : ٦٤ كتاب الصلاة باب بسط الثوب في الصلاة للسجود.
(٦) ابن الأثير ، الجامع للأُصول ٥ : ٤٦٨ / ٣٦٦٠.