هذا لقال : إلى الكعاب كما قال في اليدين : «إلى المرافق» (١).
أقول : إنّ المشهور بين الإمامية هو تفسير الكعب بقبّة القدم التي هي معقد الشراك ، وهناك من يذهب إلى أنّ المراد هو المفصل بين الساق والقدم ، وذهب قليل منهم إلى أنّ المراد هما العظمان الناتئان في جانبي الرجل. وعلى كلّ تقدير ، يصحّ إطلاق الكعبين ، وإن كان حدّ المسح هو معقد الشراك أو المفصل ، فيكون المعنى : (فامسحوا بأرجلكم إلى الكعبين منكم) إذ لا شك أنّ كلّ مكلّف يملك كعبين في رجليه.
أضف إلى ذلك : أنّه لو صحّ التفسير بما ذكره فإنّه يجب أن يوسّع الممسوح ويحدّد بالعظمين الناتئين لا أن يبدّل المسح بالغسل ، وكأنّه تخيّل أنّ المسح بالنداوة المتبقّية في اليد لا يتحقّق بها ، وأنّ اليد تجفّ قبل الوصول إليهما.
ولعمري أنّ هذه اجتهادات واهية ، وتخرّصات لا قيمة لها في مقابل الذكر الحكيم.
٧ ـ آخر ما عند صاحب المنار في توجيه غسل الأرجل هو التمسّك بالمصالح ، حيث قال : لا يعقل لإيجاب مسح ظاهر القدم باليد المبلّلة بالماء حكمة ، بل هو خلاف حكمة الوضوء ؛ لأنّ طروء الرطوبة القليلة على العضو الذي عليه غبار أو وسخ يزيده وساخة ، وينال اليد الماسحة حظّ من هذه الوساخة.
وهذا القول يردّه : أنّ ما ذكره استحسان لا يُعرَّج عليه مع وجود النصّ ، فلا شكّ أنّ الأحكام الشرعية تابعة للمصالح الواقعية ولا يجب علينا أن نقف عليها ، فأيّ مصلحة في المسح على الرأس ولو بمقدار إصبع أو إصبعين حتّى قال الشافعي : إذا مسح الرجل بإصبع واحدة أو بعض إصبع أو باطن كفه ، أو أمر مَن يمسح له أجزأه ذلك؟!
__________________
(١) تفسير المنار ٦ : ٢٣٤.