إمّا المسح أو الغسل ، ولم يتردّدوا في حكم الرجلين أبداً. ولو خفي حكم هذه المسألة بعد رحلة الرسول صلىاللهعليهوآله على الأجيال الآتية فلا غرو في أنّ يخفى على المسلمين حكم أكثر المسائل.
وقفة مع آية الوضوء
وليس فيها شيء أوثق من كتاب الله فعلينا دراسة ما جاء فيه ، قال سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) (١) وقد اختلف القرّاء في قراءة : (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) فمنهم من قرأ بالفتح ، ومنهم من قرأ بالكسر إلّا أنّه من البعيد أن تكون كلّ من القراءتين موصولة إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله فإنّ تجويزهما يضفي على الآية إبهاماً وإعضالاً ، ويجعل الآية لغزاً ، والقرآن كتاب الهداية والإرشاد ، وتلك الغاية تطلب لنفسها الوضوح وجلاء البيان ، خصوصاً فيما يتعلّق بالأعمال والأحكام التي يبتلي بها عامّة المسلمين ، ولا تقاس بالمعارف والعقائد التي يختصّ الإمعان فيها بالأمثل فالأمثل.
وعلى كلّ تقدير فممّن حقّق مفاد الآية وبيّنها الإمام الرازي في تفسيره ، ننقل كلامه بتلخيص :
قال : حجّة من قال بوجوب المسح مبني على القراءتين المشهورتين في قوله :
(وَأَرْجُلَكُمْ) وهما :
الأوّل : قرأ ابن كثير وحمزة وأبو عمرو وعاصم ـ في رواية أبي بكر عنه ـ بالجرّ.
__________________
(١) المائدة : ٦.