الآية السابقة ، وحمل قوله سبحانه : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ) على الزواج الدائم ، وحمل قوله : (فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) على المهور والصدقات يوجب التكرار بلا وجه ، فالناظر في السورة يرى أنّ آياتها تكفّلت ببيان أقسام الزواج على نظام خاصّ ولا يتحقّق ذلك إلّا بحمل الآية على نكاح المتعة كما هو ظاهرها أيضاً.
٢ ـ تعليق دفع الأُجرة على الاستمتاع :
إنّ تعليق دفع الأُجرة على الاستمتاع في قوله سبحانه : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) يناسب نكاح المتعة الذي هو زواج مؤقّت لا النكاح الدائم ، فإنّ المهر هنا يجب بمجرّد العقد ولا يتنجّز وجوب دفع الكلّ إلّا بالمسّ ، وأمّا المتعارف فيختلف حسب اختلاف العادات العرفية ، فربّما يؤخذ قبل العقد وأُخرى يترك إلى أن يرث أحدهما الآخر.
٣ ـ تصريح جماعة من الصحابة بشأن نزولها :
ذكرت أُمّة كبيرة من أهل الحديث نزولها فيها ، وينتهي نقل هؤلاء إلى أمثال ابن عبّاس ، وأُبي بن كعب ، وعبد الله بن مسعود ، وجابر بن عبد الله الأنصاري ، وحبيب بن أبي ثابت ، وسعيد بن جبير ، إلى غير ذلك من رجال الحديث الذين لا يمكن اتهامهم بالوضع والجعل.
وقد ذكر نزولها من المفسّرين والمحدّثين :
إمام الحنابلة أحمد بن حنبل في مسنده (١).
وأبو جعفر الطبري في تفسيره (٢).
وأبو بكر الجصّاص الحنفي في أحكام القرآن (٣).
__________________
(١) مسند أحمد ٤ : ٤٣٦.
(٢) تفسير الطبري ٥ : ٩.
(٣) أحكام القرآن ٢ : ١٧٨.