المستضعفة من المؤمنين لما كانوا عمدوا إلى التقية ، ولما تحمّلوا عبء إخفاء معتقداتهم ولدعوا الناس إليها علناً ودون تردّد ، إلّا أنّ السيف والنطع سلاح لا تتردّد كلّ الحكومات الفاسدة من التلويح به أمام من يخالفها في معتقداتها وعقائدها.
أين العمل الدفاعي من الأعمال البدائية التي يرتكبها أصحاب الجماعات السرّية للإطاحة بالسلطة وامتطاء ناصية الحكم ، فأعمالهم كلّها تخطيطات مدبّرة لغايات ساقطة.
وهؤلاء هم الذين يحملون شعار «الغايات تبرّر الوسائل» فكلّ قبيح عقلي أو ممنوع شرعي يستباح عندهم لغاية الوصول إلى المقاصد المشئومة.
إنّ القول بالتشابه بين هؤلاء وبين من يتّخذ التقية غطاءً ، وسلاحاً دفاعياً ليسلم من شرّ الغير ، حتّى لا يُقْتَل ولا يُستأصل ، ولا تُنهب داره وماله ، إلى أن يُحدث الله أمراً ، من قبيل عطف المباين على مثله.
إنّ المسلمين القاطنين في الاتّحاد السوفيتي السابق قد لاقوا من المصائب والمحن ما لا يمكن للعقول أن تحتملها ولا أن تتصوّرها ؛ فإنّ الشيوعيّين وطيلة تسلّطهم على المناطق الإسلامية قلبوا لهم ظهر المجَنّ ، فصادروا أموالهم وأراضيهم ، ومساكنهم ، ومساجدهم ، ومدارسهم ، وأحرقوا مكتباتهم ، وقتلوا كثيراً منهم قتلاً ذريعاً ووحشياً ، فلم ينج منهم إلّا من اتّقاهم بشيء من التظاهر بالمرونة ، وإخفاء المراسم الدينية ، والعمل على إقامة الصلاة في البيوت إلى أن نجّاهم الله سبحانه بانحلال تلك القوّة الكافرة ، فبرز المسلمون إلى الساحة من جديد ، فملكوا أرضهم وديارهم ، وأخذوا يستعيدون مجدهم وكرامتهم شيئاً فشيئاً ، وما هذا إلّا ثمرة من ثمار التقية المشروعة التي أباحها الله تعالى لعباده بفضله وكرمه سبحانه على المستضعفين.