والتأمّل في هذه الآيات الكريمة يفسّر لنا حقيقة الإمامة باعتبار الملاحظات التالية :
أ ـ إنّ إبراهيم طلب الإمامة لذرّيته وقد أجاب سبحانه دعوته في بعضهم.
ب ـ إنّ مجموعة من ذرّيته ، كيوسف وداود وسليمان ، نالوا ـ وراء النبوّة والرسالة ـ منصب الحكومة والقيادة.
ج ـ إنّه سبحانه أعطى آل إبراهيم الكتاب ، والحكمة ، والملك العظيم.
فمن ضمّ هذه الأُمور بعضها إلى بعض ، يخرج بهذه النتيجة : أنّ ملاك الإمامة في ذرّية إبراهيم هو قيادتهم وحكمهم في المجتمع ، وهذه هي حقيقة الإمامة ، غير أنّها ربّما تجتمع مع المقامين الآخرين ، كما في الخليل ، ويوسف ، وداود ، وسليمان ، وغيرهم ، وربّما تنفصل عنهما كما في قوله سبحانه : (وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً قالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ قالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) (١).
والإمامة التي يتبنّاها المسلمون بعد رحلة النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله تتّحد واقعيتها مع هذه الإمامة.
ما هو المراد من الظالم؟
قد تعرّفت على المقصود من جعل إبراهيم عليهالسلام إماماً للناس ، وأنّ المراد هو القيادة الإلهية وسوق الناس إلى السعادة بقوّة وقدرة ومنعة. بقي الكلام في تفسير الظالم الذي ليس له من الإمامة سهم ، فنقول :
__________________
(١) البقرة : ٢٤٧.