المسألة الأُولى :
وجوب تنصيب الإمام على الله سبحانه
تتّفق جميع الفرق الإسلامية على وجوب نصب الإمام ، سوى العجاردة من الخوارج ، ومنهم حاتم الأصمّ أحد شيوخ المعتزلة (ت ٢٣٧) (١) قد شذّوا عن ذلك ، واعتقاد المسلمين بذلك يفترق إلى مذهبين اثنين في ماهيّة هذا الوجوب ، فالشيعة يذهبون إلى وجوبه على الله تعالى ، وباقي الفرق على الأُمّة ؛ فوجوب نصب الإمام لا خلاف فيه بين المسلمين ، وإنّما الكلام في تعيين من يجب عليه ذلك.
وليس المراد من وجوبه على الله سبحانه ، هو إصدار الحكم من العباد على الله سبحانه ، حتّى يقال : (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) (٢) بل المراد كما ذكرنا غير مرّة : أنّ العقل ـ حسب التعرّف على صفاته سبحانه ، من كونه حكيماً غير عابث ـ يكشف عن كون مقتضى الحكمة هو لزوم النصب أو عدمه ، وإلّا فالعباد أقصر من أن
__________________
(١) ادّعت العجاردة بأنّ الواجب على الأُمّة التعاون والتعاضد لإحياء الحقّ وإماتة الباطل ، ومع قيام الأُمّة بهذا الواجب لا يبقى للإمام فائدة تستدعي تسلّطه على العباد ، أمّا إذا اختلفت الأُمّة ولم تتعاون على نشر العدل وإحقاق الحقّ فيجب عليها تعيين من يقوم بهذه المهمات ، وعلى ذلك فالإمامة لا تجب بالشرع ولا بالعقل ، وإنّما تجب للمصلحة أحياناً.
(٢) يوسف : ٤٠.