شاطئ البحر وجُزّ رأسه من جسده وأُرسل إلى السلطان.
وتالله إنّها لجرائم بشعة تقشعرّ منها الأبدان ، ويندى لها جبين البشرية خجلاً ، فما معنى هذه القسوة المتناهية في قتل الشيعة وعلمائها ، وإذا كان هذا مصير الشيعة من قبل الحكومات المتعاقبة والظالمة ، فهل يلومهم أحد على اتّخاذهم التقية حجاباً لحقن دمائهم وحفظ أعراضهم؟! لا أعتقد أن يلومهم عليها عاقل ؛ لأنّ الملام من دفعهم إليها لا هم.
أقول : ورغم هذا الإسراف في مطاردة الشيعة وقتلهم ، فقد ظهر في جبل عامل بعد هذين العالمين الجليلين ، علماء فضلاء وفقهاء عظام ، ولم يزل منار التشيّع مرتفعاً ولواؤه خفاقاً بهم ، ولقد تحمّلوا عبر القرون وخصوصاً في عهد السلطة العثمانية المصاعب الجسام والتي ذكرها التاريخ في صفحات سوداء لا تنسى ، ولا سيما في عهد أحمد باشا الجزّار ، ممثّل الدولة العثمانية في بلاد الشام من (١١٩٥ ـ ١١٩٨ ه).
ولقد ألّف الشيخ الحرّ العاملي كتاباً أسماه أمل الآمل في علماء جبل عامل طبع في جزءين ، واستدرك عليه السيد الجليل حسن الصدر.
وأمّا بالنسبة إلى بعلبك فهي من المدن الشيعية العريقة ، والتي ظهر بها التشيّع منذ دخل بلاد الشام وراج في ظلّ الدولة الحمدانية ، ووجد في نفوس أهلها خير موطن ، فاحتضنوه وتمسّكوا به.
الشيعة في مصر :
دخل التشيّع مصر في اليوم الذي دخل فيه الإسلام ، ولقد شهد جماعة من شيعة عليّ عليهالسلام فتح مصر ، منهم : المقداد بن الأسود الكندي ، وأبو ذر الغفاري ، وأبو رافع ، وأبو أيوب الأنصاري ، وزارها عمّار بن ياسر في خلافة عثمان (١).
__________________
(١) الخطط المقريزية ٢ : ٧٤.