لأهل البيت ، أمثال زينب بنت عليّ عليهماالسلام ورقيّة بنت الحسين عليهماالسلام في الوقت نفسه لا تجد أثراً لمعاوية (١) ويزيد والحكّام الأُمويين. إنّ في ذلك لعبرة لأُولي الألباب.
قويت شوكة التشيّع في سورية بعد قيام دولة الحمدانيين في الشام والجزيرة ، وكان لسيف الدولة أيادٍ بيضاء في رفع منارة التشيّع ، كيف وأبو فراس صاحب القصيدة الميمية هو ابن عمّه الذي يقول :
الحقّ مهتضم والدين مخترمُ |
|
وفَيءُ آل رسول الله مقتسمُ |
وأمّا جبل عامل فقد انتشر فيه التشيّع منذ دخل إلى الشام ووجد في تلك البقاع مرتعاً خصباً ونفوساً متلهّفة ، فتعلّق به أهله تعلّقاً شديداً حتّى لقد برز منهم العديد من العلماء الكبار طبقوا البلاد شهرة وصيتاً أخصّ منهم بالذكر :
١ ـ محمّد بن مكّي المعروف بالشهيد الأوّل (٧٣٤ ـ ٧٨٦ ه) وكان إماماً في الفقه ، ولكنّه صلب بيد الجور ، ثمّ رجم ، ثمّ أُحرق ، بذنب أنّه شيعي موالٍ لأهل البيت ولا يفتي بفتوى أئمّة المذاهب الأربعة.
وله كتب فقهية أشهرها كتاب اللمعة الدمشقية ، ألّفه في السجن خلال أُسبوع ولم يكن عنده من الكتب الفقهية سوى المختصر النافع للمحقّق الحلّي (٦٠٠ ـ ٦٧٦ ه).
٢ ـ زين الدين بن عليّ الجبعي (٩١١ ـ ٩٦٦ ه) المعروف بالشهيد الثاني صاحب الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقية ، والمسالك في شرح الشرائع الذي يتضمّن مجموع الكتب الفقهية مع ذكر المستند والدليل. وقد امتدت إليه أيدي الظلم كسلفه الشهيد الأوّل ، حيث اعتقل بأمر الخليفة العثماني ثمّ قتله معتقلوه قرب
__________________
(١) نعم في داخل البلد بيت يقال فيه قبر معاوية لا يزوره أحد إلّا للعبرة والاطّلاع على ما آلت إليه أعمالهم من مصير بائس بعد مماتهم.