إلى غير ذلك من العقول الكبيرة التي ظهرت في الحوزات الشيعية ، كالفاضل المقداد (ت ٨٠٨ ه) مؤلّف نهج المسترشدين في الكلام ، والشيخ بهاء الدين العاملي (٩٥٣ ـ ١٠٣٠ ه) ، والسيد محمّد باقر المعروف بالداماد (ت ١٠٤٠ ه) ، وتلميذه المعروف بصدر المتألّهين مؤلّف الأسفار الأربعة (٩٧١ ـ ١٠٥٠ ه) ، وغيرهم ممّن يتعسّر علينا إحصاء أسمائهم فضلاً عن تحرير تراجمهم.
هذه لمحة عابرة عن مشاركة الشيعة في بناء الحضارة الإسلامية في مجال العلوم العقلية ، والتي اقتصرنا فيها على ذكر ما يتّسع به المجال من بعض المشاهير منهم إلى أواسط القرن الحادي عشر ، حيث إنّ هناك العديد من الأسماء الكبيرة واللامعة.
هذا وقد قام المتتبّع المتضلّع الشيخ عبد الله نعمة بتأليف كتاب حول فلاسفة الشيعة ومتكلّميهم أسماه «فلاسفة الشيعة» فسدّ بذلك بعض الفراغ جزاه الله خيراً.
ومن الجانب الآخر يجد المرء أنّ هذا العطاء المقدّس في علوم التفكير والبرهنة لم يزل متواصلاً لدى الشيعة وحتّى عصرنا الحاضر هذا ، حيث ظهرت العديد من الشخصيات الفذّة والبارزة ، رفدت المكتبة الإسلامية بمؤلّفات غنيّة في الكلام والفلسفة والمنطق ، في الوقت الذي عاش فيه كثير من هؤلاء العلماء والمفكّرين في ظروف قاهرة ومصاعب جمّة ، لعبت فيها السلطات الجائرة دوراً كبيراً في مطاردة وتصفية الكثير منهم ، حتّى صار ذلك سبباً في اختفاء آثارهم وضياعها ، بل وتراكم الأساطير حولها.
وبذلك تقف على ضعف وركاكة ما ذكره المستشرق آدم متز في حقّ كلام الشيعة :
«أمّا من حيث العقيدة والمذهب ، فإنّ الشيعة هم ورثة المعتزلة ، ولا بدّ أن يكون قلّة اعتداد المعتزلة بالأخبار المأثورة ممّا لاءم أغراض الشيعة ، ولم يكن