هذا عرض موجز لمحدّثي الشيعة من عصر الإمام أمير المؤمنين علي عليهالسلام إلى عصر السجّاد والباقر عليهماالسلام وأمّا الطبقات الأُخرى فيأتي الكلام في فصل قدماء الشيعة والفقه ؛ لأنّهم تجاوزوا التحديث إلى درجة الاجتهاد.
٩ ـ قدماء الشيعة والفقه الإسلامي
إنّ الفقه الشيعي هو الشجرة الطيّبة الراسخة الجذور ، المتّصلة الأُسس بالنبوّة ، والتي امتازت بالسعة ، والشمولية ، والعمق ، والدقّة ، والقدرة على مسايرة العصور المختلفة ، والمستجدّات المتلاحقة من دون أن تتخطّى الحدود المرسومة في الكتاب والسنّة.
إنّ الفقه الإمامي يعتمد في الدرجة الأُولى على القرآن الكريم ، ثمّ على السنّة المحمّدية المنقولة عن النبيّ صلىاللهعليهوآله عن طريق العترة الطاهرة عليهمالسلام أو الثقات من أصحابهم والتابعين لهم بإحسان.
وكما يعتمد الفقه الشيعي على الكتاب والسنّة ، فإنّه كذلك يتّخذ من العقل مصدراً في المجال الذي له الحقّ في إبداء الرأي ، كأبواب الملازمات العقلية ، أو قبح التكليف بلا بيان ، أو لزوم البراءة اليقينية عند الاشتغال اليقيني.
ولا يكتفي بذلك ، بل يستفيد من الإجماع الكاشف عن وجود النص في المسألة أو موافقة الإمام المعصوم مع المجمعين في عصر الحضور.
إنّ الشيعة الإمامية قدّمت في ظلّ هذه الأُسس الأربعة فقهاً يتناسب مع المستجدّات ، جامعاً لما تحتاج إليه الأُمّة ، ولم يقفل باب الاجتهاد ، منذ رحلة النبيّ صلىاللهعليهوآله إلى يومنا هذا ، بل فتح بابه طيلة القرون ، فأنتج عبر العصور فقهاء عظاماً ، وموسوعات كبيرة ، لم يشهد التاريخ لها ولهم مثيلاً ، وإليك عرضاً موجزاً لمشاهير فقهائهم مع الإيعاز إلى بعض كتبهم في القرن الثاني والثالث.