المحذور ، نبحث عنها على وجه الإجمال ، ونحيل من أراد التبسّط إلى المصادر المؤلّفة في هذا المجال.
الأوّل : كيف يكون إماماً وهو غائب؟ وما فائدته؟
إنّ القيادة والهداية والقيام بوظائف الإمامة ، هو الغاية من تنصيب الإمام ، أو اختياره ، وهو يتوقف على كونه ظاهراً بين أبناء الأُمة ، مشاهداً لهم ، فكيف يكون إماماً قائداً ، وهو غائب عنهم؟!
والجواب : على وجهين نقضاً وحلاً.
أمّا النقض : فإنّ التركيز على هذا السؤال يعرب عن عدم التعرّف على أولياء الله ، وأنّهم بين ظاهرٍ قائم بالأُمور ومُختَفٍ قائم بها من دون أن يعرفه الناس.
إنّ كتاب الله العزيز يعرّفنا على وجود نوعين من الأئمّة والأولياء والقادة للأُمّة : وليّ غائب مستور ، لا يعرفه حتى نبي زمانه ، كما يخبر سبحانه عن مصاحب موسى عليهالسلام بقوله : (فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً* قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً) الآيات (١).
ووليّ ظاهر باسط اليد ، تعرفه الأُمّة وتقتدي به.
فالقرآن إذن يدلّ على أنّ الولي ربّما يكون غائباً ، ولكنّه مع ذلك لا يعيش في غفلة عن أُمّته ، بل يتصرّف في مصالحها ويرعى شئونها ، من دون أن يعرفه أبناء الأُمّة.
فعلى ضوء الكتاب الكريم ، يصحّ لنا أن نقول بأنّ الولي إمّا ولي حاضر مشاهَد ، أو غائب محجوب.
__________________
(١) الكهف : ٦٥ ـ ٨٢.