الشخصية ، وهو في قياسه خاطئ ؛ منذ نعومة أظفارهم إلى أن لبّوا دعوة ربّهم لم يختلفوا إلى أندية الدروس ، ولم يحضروا مجلس أحد من العلماء ، ولا تعلّموا شيئاً من غير آبائهم ، فما يذكرونه من علوم ورثوها من رسول الله صلىاللهعليهوآله وراثة غيبية لا يعلم كنهها إلّا الله سبحانه والراسخون في العلم.
وهذا الإمام جعفر الصادق عليهالسلام يبيّن هذا الأمر بوضوح لا لبس فيه ، حيث يقول : «إنّ حديثي حديث أبي ، وحديث أبي حديث جدي علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ، وحديث علي أمير المؤمنين حديث رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وحديث رسول الله قول الله عزوجل» (١).
وروى حفص بن البختري ، قال : قلت لأبي عبد الله الصادق عليهالسلام أسمع الحديث منك فلا أدري منك سماعه أو من أبيك ، فقال : «ما سمعته منّي فاروه عن أبي ، وما سمعته منّي فاروه عن رسول الله صلىاللهعليهوآله» (٢).
فأئمّة المسلمين على حد قول القائل :
ووال أُناساً نقلهم وحديثهم |
|
روى جدّنا عن جبرئيل عن الباري |
ولقد عاتب الإمام الباقر عليهالسلام سلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة حيث كانا يأخذان الحديث من الناس ولا يهتمان بأحاديث أهل البيت ، فقال لهما : «شرّقا وغرّبا فلا تجدان علماً صحيحاً إلّا شيئاً خرج من عندنا أهلَ البيت».
ورغم أنّ الخلفاء العباسيين قد وضعوا الإمام تحت الإقامة الجبرية وجعلوا عليه عيوناً وجواسيساً ، ولكن روى عنه الحفّاظ والرواة أحاديث جمّة في شتى المجالات ، بل يروى أنّ الإمام عليهالسلام ورغم كلّ ذلك كان على اتّصال مستمر بالشيعة الذين كان عددهم يقدر بعشرات الملايين ، وحيث كان لا مرجع لهم سوى الإمام عليهالسلام.
__________________
(١) الارشاد : ص ٢٧٤.
(٢) وسائل الشيعة ج ١٨ ، الباب الثامن من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٨٦.