المأمون كلامه وحسن صورته فقال له : ما اسمك يا غلام؟ قال : «محمّد بن عليّ الرضا عليهالسلام» فترحّم على أبيه (١).
٢ ـ لمّا أراد المأمون تزويج ابنته أُمّ الفضل من الإمام الجواد ثقل ذلك على العباسيين وقالوا له : ننشدك الله أن تقيم على هذا الأمر الذي عزمت عليه من تزويج ابن الرضا ؛ فانّا نخاف أن تخرج به عنّا أمراً قد ملّكناه الله! وتنزع منّا عزّاً قد ألبسناه الله! فقد عرفت ما بيننا وبين هؤلاء القوم قديماً وحديثاً ، وما كان عليه الخلفاء الراشدون قبلك من تبعيدهم والتصغير بهم ، وقد كنّا في وهلة من عملك مع الرضا حتى كفى الله المهمّ من ذلك ـ إلى أن قالوا ـ : إنّ هذا الفتى وإن راقك منه هديه ؛ فإنّه صبي لا معرفة له ؛ فأمهله حتّى يتأدّب ويتفقّه في الدين ثمّ اصنع ما ترى.
قال المأمون : ويحكم إنّي أعرف بهذا الفتى منكم ، وإنّ أهل هذا البيت علمهم من الله تعالى وإلهامه ، ولم يزل آباؤه أغنياء في علم الدين والأدب من الرعايا الناقصة عن حدّ الكمال ، فإن شئتم فامتحنوا أبا جعفر حتّى يتبيّن لكم ما وصفت لكم من حاله. قالوا : رضينا.
فخرجوا واتّفق رأيهم على أنّ يحيى بن أكثم يسأله مسألة وهو قاضي الزمان فأجابهم المأمون على ذلك.
واجتمع القوم في يوم اتّفقوا عليه ، وأمر المأمون أن يفرش لأبي جعفر دست ففعل ذلك ، وجلس يحيى بن أكثم بين يديه ، وقام الناس في مراتبهم ، والمأمون جالس في دست متّصل بدست أبي جعفر عليهالسلام.
فقال يحيي بن أكثم للمأمون : أتأذن لي يا أمير المؤمنين أن أسأل أبا جعفر؟
فقال : استأذنه في ذلك.
فأقبل عليه يحيى وقال : أتأذن لي ـ جعلت فداك ـ في مسألة؟
__________________
(١) الفصول المهمّة : ٢٦٦.