تكبيره ، فبلغ المأمون ذلك فقال له الفضل بن سهل : إن بلغ الرضا المصلّى على هذا السبيل فتن به الناس ، وخفنا كلّنا على دمائنا ، فأنفذ إليه أن يرجع. فأرسل إليه من يطلب منه العودة ، فرجع الرضا عليهالسلام واختلف أمر الناس في ذلك اليوم (١).
وقد أشار الشاعر البحتري إلى تلك القصّة بأبيات منها :
ذكروا بطلعتك النبيّ فهلّلوا |
|
لما طلعت من الصفوف وكبّروا |
حتّى انتهيت إلى المصلّى لابساً |
|
نور الهدى يبدو عليك فيظهر |
ومشيت مشية خاشع متواضع |
|
لله لا يزهي ولا يتكبّر (٢) |
إنّ هذا وأمثاله ، وبالأخصّ خروج بعض العباسيّين بالبصرة على المأمون ؛ لتفويضه ولاية العهد لعليّ بن موسى الرضا الذي كان في تصوّره سيؤدي إلى خروج الأمر من بيت العباسيين ، كل ذلك وغيره دفع المأمون إلى أن يريح نفسه وقومه من هذا الخطر فدسّ إليه السم على النحو المذكور في كتب التاريخ.
من شعر أبى نؤاس فيه عليهالسلام
ومن لطيف ما نقل عن أبي نؤاس أنّه كان ينشد الشعر في كلّ جليل وطفيف ولم يمدح الإمام ، ولما عوتب على ذلك من قبل بعض أصحابه حيث قال له : ما رأيت أوقح منك ، ما تركت خمراً ولا طرداً ولا معنى إلّا قلت فيه شيئاً ، وهذا عليّ بن موسى الرضا في عصرك لم تقل فيه شيئاً! فقال أبو نواس : والله ما تركت ذلك إلّا إعظاماً له ، وليس قدر مثلي أن يقول في مثله ، ثمّ أنشد بعد ساعة هذه الأبيات :
__________________
(١) الارشاد : ٣١٢.
(٢) أعيان الشيعة ٢ : ٢١ ـ ٢٢