الإمام الرضا عليهالسلام وصلاة العيد
كان الإمام في مرو يقصده البعيد والقريب من مختلف الطبقات وقد انتشر صيته في بقاع الأرض ، وعظم تعلّق المسلمين به ، ممّا أثار مخاوف المأمون وتوجّسه من أن ينفلت زمام الأمر من يديه على عكس ما كان يتمنّاه ، وما كان يبتغيه من ولاية العهد هذه ، وقوي ذلك الظن أنّ المأمون بعث إليه يوم العيد في أن يصلّي بالناس ويخطب فيهم فأجابه الرضا عليهالسلام : «إنّك قد علمت ما كان بيني وبينك من الشروط في دخول الأمر ، فاعفني من الصلاة بالناس». فقال له المأمون : إنّما أُريد بذلك أن تطمئن قلوب الناس ، ويعرفوا فضلك.
ولم تزل الرسل تتردّد بينهما في ذلك ، فلمّا ألحّ عليه المأمون ، أرسل إليه الرضا : «إن أعفيتني فهو أحبّ إليّ وإن لم تعفني خرجت كما خرج رسول الله وأمير المؤمنين عليهالسلام» فقال له المأمون : اخرج كيف شئت. وأمر القوّاد والحجاب والناس أن يبكروا إلى باب الرضا عليهالسلام.
قال : فقعد الناس لأبي الحسن عليهالسلام في الطرقات والسطوح ، واجتمع النساء والصبيان ينتظرون خروجه ، فاغتسل أبو الحسن ولبس ثيابه وتعمّم بعمامةٍ بيضاء من قطنٍ ، ألقى طرفاً منها على صدره وطرفاً بين كتفه ، ومسّ شيئاً من الطيب ، وأخذ بيده عكازة وقال لمواليه : «افعلوا مثل ما فعلت» فخرجوا بين يديه وهو حاف قد شمّر سراويله إلى نصف الساق وعليه ثياب مشمّرة ، فمشى قليلاً ورفع رأسه إلى السماء وكبّر وكبّر مواليه معه ، فلمّا رآه الجند والقوّاد سقطوا كلّهم عن الدوابّ إلى الأرض ، ثمّ كبّر وكبّر الناس ، فخيّل إلى الناس أنّ السماء والحيطان تجاوبه ، وتزعزعت مرو بالبكاء والضجيج لمّا رأوا الإمام الرضا عليهالسلام وسمعوا