آنذاك ، فقد واجه خطر نقمة أكثر العباسيين وعدائهم له وتحيّنهم الفرص السانحة للانقضاض عليه وعلى حكمه.
وفي الجانب الآخر كان الشيعة في كلّ مكان يرفضون ويناصبون الخلافة العباسية العداء نتيجة سوء صنيعهم وظلمهم للعلويين ولآل البيت خاصة ، والذين يؤلف شيعة خراسان جانباً مهماً منهم.
وكان في أوّل سنة لخلافة المأمون أن خرج السري بن منصور الشيباني المعروف بأبي السرايا في الكوفة منادياً بالدعوة لمحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن الحسن بن الحسن بن علي عليهالسلام حيث بايعه عامّة الناس على ذلك.
وفي المدينة خرج محمد بن سليمان بن داود بن الحسن ، وفي البصرة عليّ بن محمد بن جعفر بن عليّ بن الحسين وزيد بن موسى بن جعفر الملقّب بزيد النار ، وفي اليمن إبراهيم بن موسى ، ومن ثمّ فقد ظهر في المدينة أيضاً الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين المعروف بالأفطس.
وهكذا فقد اندلعت في أنحاء الدولة الكثير من الثورات تناصرها الآلاف من الناس الذين ذاقوا الأمرين من حكم الطواغيت والظلمة.
وهكذا فقد أدرك المأمون مدى تأزّم الموقف ، وتخلخل وضع الحكومة آنذاك ، فلم يجد بداً من تظاهره أمام الرأي العام الشيعي ـ الذي كان من أقوى التيّارات المؤهلة للإطاحة بالخلافة العباسية دون أيّ شكّ ـ بتنازله عن الخلافة ـ التي قتل أخاه من أجلها ـ إلى الإمام الرضا عليهالسلام إمام الشيعة وقائدهم.
وهكذا فبعد قبول علي بن موسى الرضا عليهماالسلام ولاية العهد قام بين يديه الخطباء والشعراء ، فخفقت الألوية على رأسه ، وكان فيمن ورد عليه من الشعراء دعبل بن عليّ الخزاعيّ ، فلمّا دخل عليه قال : قلت قصيدة وجعلت على نفسي أن لا أنشدها أحداً قبلك ، فأمره بالجلوس حتى خفّ مجلسه ثمّ قال له : «هاتها»