فقال أبو الحسن : «إذا كانت الرواية مخالفة للقرآن كذّبتها ، وما أجمع المسلمون عليه : أنّه لا يحاط به علماً ، ولا تدركه الأبصار ، وليس كمثله شيء» (١).
ولما انتشر علم الإمام وفضله ، أخذت الأفئدة والقلوب تشدّ إليه ، وفي الأُمّة الإسلامية رجال واعون يميزون الحق من الباطل ، فكثر التفاف المسلمين حول الإمام الرضا عليهالسلام وازدادت أعدادهم ، ممّا دفع بالخلافة العباسية إلى محاولة سحب البساط من تحت رجلي الإمام عليهالسلام وأعوانه قبل أن تستفحل الأُمور ويصعب السيطرة على الموقف بعدها ، فلجأ المأمون إلى مناورة ذكيّة ماكرة استطاع من خلالها قلب تيار الأحداث لصالحه ، حيث استقدم الإمام الرضا عليهالسلام وجملة من وجوه الطالبيين إلى مقر الحكومة آنذاك في مرو من مدينة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، معزّزين مكرّمين حتّى أنزلوهم إلى جوار مقر الخلافة ريثما يلتقي المأمون بالإمام عليّ ابن موسى عليهماالسلام.
الإمام الرضا عليهالسلام وولاية العهد
وما كان من المأمون إلّا أن بعث إلى الإمام الرضا عليهالسلام قبل اجتماعه به : إنّي أُريد أن أخلع نفسي من الخلافة وأُقلّدك إيّاها فما رأيك؟ فأنكر الرضا عليهالسلام هذا الأمر وقال له : «أُعيذك بالله يا أمير المؤمنين من هذا الكلام وأن يسمع به أحد» فردّ عليه الرسالة : فإذا أبيت ما عرضت عليك فلا بد من ولاية العهد بعدي ، فأبى عليه الرضا إباءً شديداً.
فاستدعاه وخلا به ومعه الفضل بن سهل ذو الرئاستين ـ ليس في المجلس
__________________
(١) الاحتجاج للطبرسي ٢ : ١٨٤.