حتّى أنّ الحسن بن عليّ الوشّاء قال : أدركت في هذا المسجد (مسجد الكوفة) تسعمائة شيخ كلّ يقول حدّثني جعفر بن محمّد (١).
وأمّا ما أُثر عنه من المعارف والعقائد فحدّث عنها ولا حرج ، ولا يسعنا نقل حتى القليل منها ، ومن أراد فليرجع إلى مظانّها (٢).
يقول «سيد أمير علي» بعد النقاش حول الفرق المذهبيّة والفلسفيّة في عصر الإمام :
«ولم تتخذ الآراء الدينيّة اتّجاهاً فلسفياً إلّا عند الفاطميّين ، ذلك أنّ انتشار العلم في ذلك الحين أطلق روح البحث والاستقصاء ، وأصبحت المناقشات الفلسفية عامّة في كلّ مجتمع من المجتمعات ، والجدير بالذكر أنّ زعامة تلك الحركة الفكريّة إنّما وجدت في تلك المدرسة التي ازدهرت في المدينة ، والتي أسّسها حفيد عليّ بن أبي طالب المسمّى بالإمام جعفر والملقّب بالصادق ، وكان رجلاً بحّاثة ومفكّراً كبيراً جيد الإلمام بعلوم ذلك العصر ، ويعتبر أوّل من أسّس المدارس الفلسفيّة الرئيسيّة في الإسلام.
ولم يكن يحضر محاضراته أُولئك الذين أسّسوا فيما بعد المذاهب الفقهيّة فحسب (٣) بل كان يحضرها الفلاسفة وطلّاب الفلسفة من الأنحاء القصيّة ، وكان الإمام «الحسن البصري» مؤسس المدرسة الفلسفيّة في مدينة البصرة ، وواصل بن عطاء مؤسّس مذهب المعتزلة من تلاميذه ، الذين نهلوا من معين علمه الفيّاض وقد عرف واصل والإمام العلوي بدعوتهما إلى حرية إرادة الانسان ... (٤).
__________________
(١) الرجال للنجاشي : ١٣٩ برقم ٧٩.
(٢) الاحتجاج ٢ : ٦٩ ـ ١٥٥ ، التوحيد للصدوق ، وقد بسطها على أبواب مختلفة.
(٣) كأبي حنيفة ومالك.
(٤) مختصر تاريخ العرب ، تعريب : عفيف البعلبكي : ١٩٣.