ربّه في الشدائد والمهمّات ، وكيف يطلب منه حوائجه ، وكيف يتذلّل ويتضرّع له ، وكيف يحمده ويشكره. غير أنّ لفيفاً من العلماء استدركوا عليها فجمعوا من شوارد أدعيته صحائف خمسة كان آخرها ما جمعه العلّامة السيد محسن الأمين العاملي قدسسره.
ولقد قام العلّامة الحجة السيّد محمد باقر الأبطحي ـ دام ظلّه ـ بجمع جميع أدعية الإمام الموجودة في هذه الصحف في جامع واحد ، وقال في مقدّمته :
وحريّ بنا القول إنّ أدعيته عليهالسلام كانت ذات وجهين : وجهاً عبادياً ، وآخر اجتماعياً يتّسق مع مسار الحركة الإصلاحية التي قادها الإمام عليهالسلام في ذلك الظرف الصعب. فاستطاع بقدرته الفائقة المسدّدة أن يمنح أدعيته ـ إلى جانب روحها التعبّدية ـ محتوى اجتماعياً متعدّد الجوانب ، بما حملته من مفاهيم خصبة ، وأفكار نابضة بالحياة ، فهو عليهالسلام صاحب مدرسة إلهيّة ، تارة يعلّم المؤمن كيف يمجّد الله ويقدّسه ، وكيف يلج باب التوبة ، وكيف يناجيه وينقطع إليه ، وأُخرى يسلك به درب التعامل السليم مع المجتمع فيعلّمه أُسلوب البرّ بالوالدين ، ويشرح حقوق الوالد ، والولد ، والأهل ، والأصدقاء ، والجيران ، ثمّ يبيّن فاضل الأعمال وما يجب أن يلتزم به المسلم في سلوكه الاجتماعي ، كلّ ذلك بأُسلوب تعليميّ رائع وبليغ.
وصفوة القول : إنّها كانت أُسلوباً مبتكراً في إيصال الفكر الإسلامي والمفاهيم الإسلامية الأصيلة إلى القلوب الظمأى ، والأفئدة التي تهوى إليها لترتزق من ثمراتها ، وتنهل من معينها ، فكانت بحقّ عملية تربوية نموذجية من الطراز الأوّل ، أسّس بناءها الإمام السجاد عليهالسلام مستلهماً جوانبها من سير الأنبياء وسنن المرسلين (١).
ومن أدعيته عليهالسلام في هذه الصحيفة دعاؤه في يوم عرفة ، ومنه :
«اللهمَّ هذا يوم عرفةَ ، يومٌ شرَّفتهُ وكرَّمتهُ وعظَّمتهُ ، نَشَرتَ فيهِ رحمتَكَ ، وَمَننتَ فيهِ بعفوك ، وأجزلتَ فيهِ عطيتكَ ، وتفضَّلتَ بهِ على عبادِك.
__________________
(١) الصحيفة السجّادية الجامعة : ١٣.