ثمّ إنّه كان لشهادة الحسين عليهالسلام أثر كبير في إيقاظ شعور الأُمّة وتشجيعها على الثورة ضدّ الحكومة الأُموية التي أصبحت رمزاً للفساد والانحراف عن الدين ، ولأجل ذلك توالت الثورات بعد شهادته من قبل المسلمين في العراق والحجاز ، وهذه الانتفاضات وإن لم تحقّق هدفها في وقتها ، ولكن كان لها الدور الأساسي في سقوط الحكومة الأُمويّة بعد زمان.
ولقد أجاد من قال : لو لا نهضة الحسين عليهالسلام وأصحابه ـ رضي الله عنهم ـ يوم الطفّ لما قام للإسلام عمود ، ولا اخضرّ له عود ، ولأماته معاوية وأتباعه ولدفنوه في أوّل عهده في لحده. فالمسلمون جميعاً بل الإسلام من ساعة قيامه إلى قيام الساعة رهين شكر للحسين عليهالسلام وأصحابه ـ رضي الله عنهم ـ (١).
بلى ، فلا مغالاة في قول من قال : إنّ الإسلام محمّديّ الحدوث حسينيّ البقاء والخلود.
ترى أنّى للإمام الحسين عليهالسلام الإذعان لحقيقة تسلّم يزيد مقاليد خلافة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، يزيد المنحرف الفاسد ، عدوّ الله وعدوّ رسوله ، الذي لم يستطع إخفاء دفائنه عند ما أُحضر رأس سيد الشهداء بين يديه حيث أنشد :
ليت أشياخي ببدر شهدوا |
|
جزع الخزرج من وقع الأسلْ |
لأهلّوا واستهلّوا فرحاً |
|
ثمّ قالوا يا يزيد لا تشلّ |
قد قتلنا القرم من ساداتهم |
|
وعدلنا قتل بدر فاعتدل |
لست من خندف إن لم أنتقم |
|
من بني أحمد ما كان فعل |
لعبت هاشم بالملك فلا |
|
خبر جاء ولا وحي نزل (٢) |
__________________
(١) جنّة المأوى : ٢٠٨ للشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء.
(٢) البيتان الأوّلان لابن الزبعرى ، والثلاثة الأخيرة ليزيد ، لاحظ تذكرة الخواص : ٢٣٥.