دنياك!! فاسترجع الحسين وقال : «إنّا لله وإنّا إليه راجعون وعلى الإسلام السَّلام إذا بليت الأُمّة براع مثل يزيد ، ثمّ قال : يا مروان أترشدني لبيعة يزيد!! ويزيد رجل فاسق ، لقد قلت شططاً من القول وزللاً ، ولا ألومك ؛ فإنّك اللعين الذي لعنك رسول الله وأنت في صلب أبيك الحكم بن العاص ، ومن لعنه رسول الله فلا ينكر منه أن يدعو لبيعة يزيد ، إليك عنّي يا عدوّ الله ، فإنّا أهل بيت رسول الله الحقّ فينا ينطق على ألسنتنا ، وقد سمعت جدّي رسول الله يقول : الخلافة محرّمة على آل أبي سفيان الطلقاء وأبناء الطلقاء ، فإذا رأيتم معاوية على منبري فابقروا بطنه. ولقد رآه أهل المدينة على منبر رسول الله فلم يفعلوا به ما أُمروا فابتلاهم بابنه يزيد» (١).
خروجه من مكّة ومكاتبة أهل الكوفة له :
ثمّ إنّ الحسين غادر المدينة إلى مكّة ، ولمّا بلغ أهل الكوفة هلاك معاوية اجتمعت الشيعة في منزل سليمان بن صرد فاتّفقوا أن يكتبوا إلى الحسين رسائل وينفذوا رسلاً طالبين منه القدوم إليهم في الكوفة ؛ لأنّ القوم قد بايعوه ونبذوا بيعة الأمويّين ، وألحّوا في ذلك الأمر أيّما إلحاح ، مبيّنين للإمام عليهالسلام أنّ السبل ميسّرة والظروف مهيّأة لقدومه ، حيث كتب له وجهاؤهم من جملة ما كتبوه :
«أمّا بعد ؛ فقد اخضرّ الجناب وأينعت الثمار ، فإذا شئت فأقبل على جند لك مجنّدة».
ولما جاءت رسائل أهل الكوفة تترى على الحسين عليهالسلام أرسل ابن عمّه مسلم ابن عقيل ـ رضوان الله عليه ـ إلى الكوفة ممثّلاً عنه لأخذ البيعة له منهم ، وللتحقّق
__________________
(١) الخوارزمي ، مقتل الحسين ١ : ١٨٤ ـ ١٨٥.