١ ـ النبوّة والإمامة توأمان :
بغضّ النظر عن الأدلّة العقلية والفلسفية التي تثبت صحّة الرأي الأوّل بصورة قطعيّة ، هناك أخبار وروايات وردت في المصادر المعتبرة تثبت صحّة الموقف والرأي الذي ذهب إليه علماء الشيعة وتصدّقه ، فقد نصّ النبيّ صلىاللهعليهوآله على خليفته من بعده في الفترة النبوية من حياته مراراً وتكراراً ، وأخرج موضوع الإمامة من مجال الانتخاب الشعبي والرأي العام.
فهو لم يعيّن (ولم ينصّ على) خليفته ووصيّه من بعده في أُخريات حياته فحسب ، بل بادر إلى التعريف بخليفته ووصيّه منذ بدء الدعوة يوم لم ينضو تحت راية رسالته بعدُ سوى بضعة عشر من الأشخاص ، وذلك يوم أُمر من جانب الله العليّ القدير أن ينذر عشيرته الأقربين من العذاب الإلهي الأليم ، وأن يدعوهم إلى عقيدة التوحيد قبل أن يصدع برسالته للجميع ، ويبدأ دعوته العامة للناس كافة.
فجمع أربعين رجلاً من زعماء بني هاشم وبني المطلّب ، ثمّ وقف فيهم خطيباً فقال :
«أيّكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم؟»
فأحجم القوم ، وقام عليّ عليهالسلام وأعلن مؤازرته وتأييده له ، فأخذ رسول الله صلىاللهعليهوآله برقبته ، والتفت إلى الحاضرين ، وقال :
«إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم» (١).
وقد عرف هذا الحديث عند المفسّرين والمحدّثين : ب «حديث يوم الدار» و «حديث بدء الدعوة».
__________________
(١) تاريخ الطبري ٢ : ٢١٦ ، الكامل في التاريخ ٢ : ٦٢ و ٦٣ ، وقد مرّ مفصّلاً في هذه الدراسة فراجع.