ومنها قوله (امور واقعية كشف الخ ..) ففيه انها صارت أحكاما شرعية بعد جعل الشارع لها ولو بنحو الامضاء مع أنه لو كانت امورا واقعية لا تحتاج الى الجعل لم تكن حاجة لكشف الشارع عنها لانها ان كانت يعرفها العقلاء والعرف فواضح وان لم يعرفها فنحن نمنع ذلك وليس هو أولى من الالتزام بالجعل لمصلحة هناك تقتضي جعلها كما اقتضت المصلحة جعل التكليف ثم كيف يدعي الخصم انها منتزعة من الأحكام الشرعية مع أنها امور واقعية اذ على هذا التقدير تكون أسبق من الأحكام.
ان قلت ان الأحكام الوضعية غير قابلة للجعل فان مواردها مشتملة على خصوصية تكوينية موجبة لتلبس ذيها بالحكم الوضعي في عالم التكوين والايجاد فالسبب والشرط والمانع والرافع للتكليف لم تتصف بهذا الوضع والحكم إلا لأجل تلك الخصوصية وإلا لزم أن يكون كل شيء متصفا بهذه الصفات ومن المعلوم أن مجرد الانشاء لمفاهيمها مثل ان يقول (دلوك الشمس سبب لوجوب الصلاة) إنشاء للسببية الدلوك لا يوجب سببية الدلوك لوجوبها ما لم يكن في الواقع خصوصية في الدلوك توجب الوجوب للصلاة ، وعليه فيكون إنشاء الحكم الوضعي كاشف عن وجود تلك الخصوصية لا أنه موجد لها بخلاف انشاء سائر الأحكام فإنه موجد لها فسببية العقد أو الحيازة ونحوها لجواز التصرف وشرطية الاختيار في التصرف لتأثيرها وعدم المانع منها من سبق عقد الغير أو حيازته أو نحو ذلك من اجزاء العلة كلها أمور واقعية تكوينية كشف عنها الشارع ولم يجعلها الشارع.
قلنا أن الجواب عن ذلك بالنقض بنفس التكاليف فانها لا بد وأن تكون لخصوصية في موردها. وعليه فيكون انشاؤها كاشفا عن تلك