والقدر المتيقن من ثبوتهما هو صورة الشك في الرافع.
واما الأخبار فلأن المراد من اليقين في قضية (لا تنقض اليقين بالشك) هو المتيقن لا نفس اليقين. لأنه لا إشكال في أنه قد انتقض بالشك قطعا ولا آثار نفس اليقين لأن هذه القضية قد ذكرت في الأخبار للنهي عن نقض آثار المتيقن كالطهارة ونحوها فاليقين مأخوذ فيها على سبيل المجاز في المتيقن ولا يصح نسبة النقض إليه إلا اذا كان المتيقن مما كان له البقاء والاستمرار لأن حقيقة النقض هو حل الشيء المستحكم ابرام اجزائه ولذا ينسب للغزل فيقال (هذه نقضت غزلها) وينسب للبناء فيقال (نقض البناء اذا هدمه) وينسب الى الحبل فيقال (نقض الحبل إذا حل اجزاءه) ويقال (أنقضت الارض إذا خرج نباتها منها). فاذا كان المتيقن مما كان له الدوام والاستمرار يكون مبرما مستحكما ويكون رفع اليد عن بقائه للشك في وجود رافع بقاؤه نقضا له.
أما إذا لم يكن كذلك بأن كان الشك فيه من جهة الشك في دوامه لم يكن مستحكما مبرما فلا يكون رفع اليد عنه نقضا له ، ومن المعلوم انما يحرز بأن المتيقن له الدوام والاستمرار لو لا الرافع المشكوك اذا أحرز وجود المقتضي لدوامه واستمراره ولو على نحو الإجمال وإلا فالشيء الممكن في نفسه ليس له الدوام والاستمرار فتلخص ان النهي عن نقض المتيقن عبارة عن ترتيب آثاره عليه عند احراز استمرار وجوده لو لا رافعه.
وبتقريب آخر لأستاذنا المحقق الشيخ كاظم الشيرازي (ره) بأن حقيقة النقض لم يمكن ارادتها في المقام فلا بد من ارادة المعنى المجازي للنقض ولا مناص عن اختيار الاقرب للمعنى الحقيقي وليس هو إلا